ثُمَّ رَمَى بِالْأَلْوَاحِ وَ أَخَذَ بِلِحْيَةِ أَخِيهِ هَارُونَ وَ رَأْسِهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ فَقَالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ- أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي فَقَالَ هَارُونُ كَمَا حَكَى اللَّهُ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي- إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي فَقَالَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ: ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا قَالَ مَا خَالَفْنَاكَ وَ لكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ يَعْنِي مِنْ حِلْيَتِهِمْ فَقَذَفْناها قَالَ: يَعْنِي التُّرَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ السَّامِرِيُّ طَرَحْنَاهُ فِي جَوْفِهِ- ثُمَّ أَخْرَجَ السَّامِرِيُّ الْعِجْلَ وَ لَهُ خُوارٌ فَقَالَ لَهُ مُوسَى فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ قالَ السَّامِرِيُ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ- فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها يَعْنِي مِنْ تَحْتِ حَافِرِ رَمَكَةِ جَبْرَئِيلَ فِي الْبَحْرِ- فَنَبَذْتُهَا أَيْ أَمْسَكْتُهَا وَ كَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي أَيْ زَيَّنَتْ، فَأَخْرَجَ مُوسَى الْعِجْلَ فَأَحْرَقَهُ بِالنَّارِ وَ أَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ- ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِلسَّامِرِيِ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ يَعْنِي مَا دُمْتَ حَيّاً[1] وَ عَقِبُكَ هَذِهِ الْعَلَامَةُ فِيكُمْ قَائِمَةٌ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ- يَعْنِي حَتَّى تُعْرَفُوا أَنَّكُمْ سَامِرِيَّةٌ فَلَا يَغْتَرَّ بِكُمُ النَّاسُ فَهُمْ إِلَى السَّاعَةِ بِمِصْرَ وَ الشَّامِ مَعْرُوفُونَ بِ «لَا مِسَاسَ» ثُمَّ هَمَّ مُوسَى بِقَتْلِ السَّامِرِيِّ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ لَا تَقْتُلْهُ يَا مُوسَى فَإِنَّهُ سَخِيٌّ فَقَالَ لَهُ: انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ- ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً- إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ- وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً قِيلَ وَ إِنَّ مَنْ عَبَدَ الْعِجْلَ أَنْكَرَ عِنْدَ مُوسَى ع أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لَهُ: فَأَمَرَ مُوسَى ع أَنْ يُبْرَدَ الْعِجْلُ بِالْمَبَارِدِ- وَ أَلْقَى بُرَادَتَهُ فِي الْمَاءِ- ثُمَّ أَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَشْرَبَ كُلٌّ مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ- فَالَّذِينَ كَانُوا سَجَدُوا يَظْهَرُ لَهُ مِنَ الْبُرَادَةِ شَيْءٌ- فَعِنْدَ ذَلِكَ اسْتَبَانَ مَنْ خَالَفَ مِمَّنْ ثَبَتَ عَلَى إِيمَانِهِ.
فَحَدَّثَنِي أَبِي عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ مَا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِلَّا وَ فِي وَقْتِهِ شَيْطَانَانِ- يُؤْذِيَانِهِ
[1]. وَ فِي الصَّافِي خَوْفاً أَنْ يَمَسَّكَ أَحَدٌ فَيَأْخُذَكَ الْحُمَّى وَ مَنْ مَسَّكَ فَتَحَامَى النَّاسُ وَ تَحَامَوْكَ وَ تَكُونُ طَرِيداً وَحِيداً كَالْوَحْشِيِّ النَّافِرِ. ج- ز