قَالَ: بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ- وَ أَمَرَكَ بِهِ مِنَ الصَّلَاةِ- وَ الزَّكَاةِ وَ الصَّوْمِ وَ الْحَجِّ وَ الْوَلَايَةِ وَ بِمَا فَضَّلَكَ اللَّهُ بِهِ،
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ:
ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى وَ ذَلِكَ أَنَّ جَبْرَئِيلَ أَبْطَأَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَنَّهُ كَانَتْ أَوَّلَ سُورَةٍ نَزَلَتْ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ثُمَّ أَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ لَعَلَّ رَبَّكَ قَدْ تَرَكَكَ فَلَا يُرْسِلُ إِلَيْكَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى.
94 سُورَةُ الْإِنْشِرَاحِ مَكِّيَّةٌ وَ هِيَ ثَمَانُ آيَاتٍ 8
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ- أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ قَالَ بِعَلِيٍّ فَجَعَلْنَاهُ وَصِيَّكَ قَالَ: وَ حِينَ فُتِحَ مَكَّةُ وَ دَخَلَتْ قُرَيْشٌ فِي الْإِسْلَامِ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ وَ يَسَّرَهُ وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ قَالَ بِعَلِيٍّ الْحَرْبَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أَيْ أثَقْلَ ظَهْرَكَ وَ رَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ قَالَ تُذْكَرُ إِذَا ذُكِرْتُ- وَ هُوَ قَوْلُ النَّاسِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ ص- ثُمَّ قَالَ إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً قَالَ مَا كُنْتَ فِيهِ مِنَ الْعُسْرِ أَتَاكَ الْيُسْرُ فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ قَالَ إِذَا فَرَغْتَ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَانْصِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ع[1] وَ إِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ
قَالَ:
[1]. قَالَ فِي الصَّافِي: الْمُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ بِكَسْرِ الصَّادِ مِنَ النَّصْبِ بِالتَّسْكِينِ بِمَعْنَى الرَّفْعِ وَ الْوَضْعِ، يَعْنِي إِذَا فَرَغْتَ مِنْ أَمْرِ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَ مَا يَجِبُ عَلَيْكَ إِنْهَاؤُهُ مِنَ الشَّرَائِعِ وَ الْأَحْكَامِ فَانْصِبْ عَلَمَكَ( بِفَتْحِ اللَّامِ) أَيْ ارْفَعْ عَلَمَ هِدَايَتِكَ لِلنَّاسِ وَ ضَعْ مَنْ يُقَوِّمُ خِلَافَتَكَ مَوْضِعَكَ حَتَّى يَكُونَ قَائِماً مَقَامَكَ مِنْ بَعْدِكَ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ الْهِدَايَةُ وَ الرِّسَالَةُ بَيْنَ اللَّهِ وَ بَيْنَ عِبَادِهِ، بَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَمِرّاً بِقِيَامِ إِمَامٍ مَقَامَ إِمَامٍ أَبَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كَشَّافِهِ: وَ مِنَ الْبِدَعِ مَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ الرَّافِضَةِ أَنَّهُ قَرَأَ فَانْصِبْ بِكَسْرِ الصَّادِ، أَيْ فَانْصِبْ عَلِيّاً لِلْإِمَامَةِ، قَالَ: وَ لَوْ صَحَّ هَذَا لَصَحَّ لِلنَّاصِبِيِّ أَنْ يَقْرَأَ هَكَذَا( أَيْ بِفَتْحِ الصَّادِ) وَ يَجْعَلَهُ أَمْراً بِالنَّصْبِ الَّذِي هُوَ بُغْضُ عَلِيٍّ وَ عَدَاوَتُهُ، أَقُولُ: نَصْبُ الْإِمَامِ وَ الْخَلِيفَةِ بَعْدَ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَوِ الْفَرَاغِ مِنَ الْعِبَادَةِ أَمْرٌ مَعْقُولٌ بَلْ وَاجِبٌ لِئَلَّا يَكُونَ النَّاسُ بَعْدَهُ فِي حَيْرَةٍ وَ ضَلَالَةٍ فَيَصِحُّ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ وَ أَمَّا بُغْضُ عَلِيٍّ وَ عَدَاوَتُهُ فَمَا وَجْهُ تَرَتُّبِهِ عَلَى تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ أَوِ الْعِبَادَةِ وَ مَا وَجْهُ مَعْقُولِيَّتِهِ عَلَى أَنَّ كُتُبَ الْعَامَّةِ مَشْحُونَةٌ بِذِكْرِ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ ص لِعَلِيٍّ ع وَ أَنَّ حُبَّهُ إِيْمَانٌ وَ بُغْضَهُ كُفْرٌ وَ نِفَاقٌ.
فَانْظُرْ إِلَى هَذَا« جَارِ اللَّهِ» كَيْفَ جَارَ عَنِ اللَّهِ وَ حَادَ عَنْ طَرِيقِ الْخَيْرِ وَ السَّدَادِ فِي عَصَبِيَّةٍ وَ عِنَادٍ. ج. ز