النَّصْرَانِيَّةِ وَ كَانُوا عَلَى دِينِ عِيسَى وَ عَلَى حُكْمِ الْإِنْجِيلِ وَ رَأْسُ ذَلِكَ الدِّينِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَرْيَا فَحَمَلَهُ أَهْلُ دِينِهِ عَلَى أَنْ يَسِيرَ إِلَيْهِمْ- وَ يَحْمِلَهُمْ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ وَ يُدْخِلَهُمْ فِيهَا، فَسَارَ حَتَّى قَدِمَ نَجْرَانَ فَجَمَعَ مَنْ كَانَ بِهَا عَلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِمْ دِينَ الْيَهُودِيَّةِ وَ الدُّخُولَ فِيهَا فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَجَادَلَهُمْ وَ عَرَضَ عَلَيْهِمْ وَ حَرَصَ الْحِرْصَ كُلَّهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ وَ امْتَنَعُوا مِنَ الْيَهُودِيَّةِ وَ الدُّخُولِ فِيهَا- وَ اخْتَارُوا الْقَتْلَ- فَخَدَّ لَهُمْ أُخْدُوداً جَمَعَ فِيهِ الْحَطَبَ- وَ أَشْعَلَ فِيهِ النَّارَ فَمِنْهُمْ مَنْ أُحْرِقَ بِالنَّارِ- وَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ بِالسَّيْفِ وَ مُثِّلَ بِهِمْ كُلَّ مُثْلَةٍ- فَبَلَغَ عَدَدُ مَنْ قُتِلَ وَ أُحْرِقَ بِالنَّارِ عِشْرِينَ أَلْفاً، وَ أَفْلَتَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُدْعَى دَوْسٌ ذُو ثُعْلُبَانَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ- وَ رَكَضَهُ وَ اتَّبَعُوهُ حَتَّى أَعْجَزَهُمْ فِي الرَّمْلِ، وَ رَجَعَ ذُو نُوَاسٍ إِلَى ضَيْعَتِهِ فِي جُنُودِهِ
فَقَالَ اللَّهُ: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ إِلَى قَوْلِهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ
قَوْلُهُ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ أَيْ أَحْرَقُوهُمْ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَ لَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ.
حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ جريح [جُرَيْجٍ] عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا يُرِيدُ صَدَقُوا- وَ آمَنُوا بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ وَحَّدُوهُ يُرِيدُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يُرِيدُ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَ لَا أُذُنٌ سَمِعَتْ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ يُرِيدُ فَازُوا بِالْجَنَّةِ وَ أَمِنُوا الْعِقَابَ
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ يَا مُحَمَّدُ لَشَدِيدٌ إِذَا أَخَذَ الْجَبَابِرَةَ وَ الظَّلَمَةَ مِنَ الْكُفَّارِ كَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ هُودٍ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَ يُعِيدُ يُرِيدُ الْخَلْقَ ثُمَّ أَمَاتَهُمْ ثُمَّ يُعِيدُهُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْضاً وَ هُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ يُرِيدُ لِأَوْلِيَائِهِ وَ أَهْلِ طَاعَتِهِ الْوَدُودُ- كَمَا يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ وَ صَاحِبَهُ بِالْبُشْرَى وَ الْمَحَبَّةِ،
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ فَهُوَ اللَّهُ الْكَرِيمُ الْمَجِيدُ
وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ قَالَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ لَهُ