لَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ أَفْعَلُهُ- وَ لَا تُنْكِرْهُ عَلَيَّ حَتَّى أَنَا أُخْبِرُكَ بِخَبَرِهِ قَالَ: نَعَمْ، فَمَرُّوا ثَلَاثَتُهُمْ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ- وَ قَدْ شُحِنَتْ سَفِينَةٌ وَ هِيَ تُرِيدُ أَنْ تَعْبُرَ- فَقَالَ لأرباب [أَرْبَابُ] السَّفِينَةِ: تحملوا [نَحْمِلُ] هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ نَفَرٍ- فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ صَالِحُونَ، فَحَمَلُوهُمْ فَلَمَّا جَنَحَتِ السَّفِينَةُ فِي الْبَحْرِ- قَامَ الْخَضِرُ إِلَى جَوَانِبِ السَّفِينَةِ- فَكَسَرَهَا وَ أَحْشَاهَا بِالْخِرَقِ وَ الطِّينِ، فَغَضِبَ مُوسَى غَضَباً شَدِيداً وَ قَالَ لِلْخَضِرِ: أَ خَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ ع: أَ لَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قالَ مُوسَى: لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ- وَ لا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً فَخَرَجُوا مِنَ السَّفِينَةِ فَمَرُّوا- فَنَظَرَ الْخَضِرُ إِلَى غُلَامٍ يَلْعَبُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ حَسَنِ الْوَجْهِ كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ فِي أُذُنَيْهِ دُرَّتَانِ، فَتَأَمَّلَهُ الْخَضِرُ ثُمَّ أَخَذَهُ فَقَتَلَهُ، فَوَثَبَ مُوسَى عَلَى الْخَضِرِ وَ جَلَدَ بِهِ الْأَرْضَ فَقَالَ: أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ- لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً فَقَالَ الْخَضِرُ: أَ لَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً قَالَ مُوسَى: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها- فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ بِالْعَشِيِّ- تُسَمَّى النَّاصِرَةَ وَ إِلَيْهَا يَنْتَسِبُ النَّصَارَى وَ لَمْ يُضَيِّفُوا أَحَداً قَطُّ وَ لَمْ يُطْعِمُوا غَرِيباً- فَاسْتَطْعَمُوهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُوهُمْ وَ لَمْ يُضَيِّفُوهُمْ فَنَظَرَ الْخَضِرُ ع إِلَى حَائِطٍ قَدْ زَالَ لِيَنْهَدِمَ- فَوَضَعَ الْخَضِرُ يَدَهُ عَلَيْهِ وَ قَالَ: قُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ فَقَامَ- فَقَالَ مُوسَى لَمْ يَنْبَغِ لَكَ أَنْ تُقِيمَ الْجِدَارَ- حَتَّى يُطْعِمُونَا وَ يُؤْوُونَا وَ هُوَ قَوْلُهُ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً فَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ: هذا فِراقُ بَيْنِي وَ بَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً- أَمَّا السَّفِينَةُ الَّتِي فَعَلْتُ بِهَا مَا فَعَلْتُ- فَإِنَّهَا كَانَتْ لِقَوْمٍ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ- فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَ كانَ وَراءَهُمْ أَيْ وَرَاءَ السَّفِينَةِ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْباً كَذَا نَزَلَتْ وَ إِذَا كَانَتِ السَّفِينَةُ مَعْيُوبَةً- لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئاً وَ أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ وَ طُبِعَ كَافِراً، كَذَا نَزَلَتْ، فَنَظَرْتُ إِلَى جَبِينِهِ وَ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ طُبِعَ كَافِراً