وَ رَكِبَ، وَ تَسَامَعَ النَّاسُ بِذَلِكَ فَقَالُوا- مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِيَرْحَلَ فِي مِثْلِ هَذَا الْوَقْتِ- فَرَحَلَ النَّاسُ وَ لَحِقَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ! فَقَالَ وَ عَلَيْكَ السَّلَامُ! فَقَالَ مَا كُنْتَ لِتَرْحَلَ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَقَالَ أَ وَ مَا سَمِعْتَ قَوْلًا قَالَ صَاحِبُكُمْ، قَالُوا وَ أَيُّ صَاحِبٍ لَنَا غَيْرُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ زَعَمَ أَنَّهُ إِنْ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَأَنْتَ وَ أَصْحَابُكَ الْأَعَزُّ- وَ هُوَ وَ أَصْحَابُهُ الْأَذَلُّ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَوْمَهُ كُلَّهُ لَا يُكَلِّمُهُ أَحَدٌ، فَأَقْبَلَتِ الْخَزْرَجُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَعْذِلُونَهُ، فَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ، فَقَالُوا فَقُمْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص حَتَّى نَعْتَذِرَ إِلَيْهِ- فَلَوَّى عُنُقَهُ-.
فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَيْلَهُ كُلَّهُ- وَ النَّهَارَ فَلَمْ يَنْزِلُوا إِلَّا لِلصَّلَاةِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ نَزَلَ أَصْحَابُهُ، وَ قَدْ أَمْهَدَهُمُ الْأَرْضُ مِنَ السَّهَرِ الَّذِي أَصَابَهُمْ- فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص، فَحَلَفَ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ- وَ إِنَّهُ لَيَشْهَدَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ- وَ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ إِنَّ زَيْداً قَدْ كَذَبَ عَلَيَّ، فَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْهُ، وَ أَقْبَلَتِ الْخَزْرَجُ عَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ يَشْتِمُونَهُ- وَ يَقُولُونَ لَهُ كَذَبْتَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِنَا، فَلَمَّا رَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص كَانَ زَيْدٌ مَعَهُ يَقُولُ- اللَّهُمَّ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكْذِبْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فَمَا سَارَ إِلَّا قَلِيلًا- حَتَّى أَخَذَ رَسُولَ اللَّهِ ص مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ[1] عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ- فَثَقُلَ حَتَّى كَادَتْ نَاقَتُهُ أَنْ تَبْرَكَ مِنْ ثِقْلِ الْوَحْيِ، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هُوَ يَسْكُبُ الْعَرَقَ عَنْ جَبْهَتِهِ- ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَرَفَعَهُ مِنَ الرَّحْلِ ثُمَّ قَالَ: يَا غُلَامُ صَدَقَ قَوْلُكَ وَ وَعَى قَلْبُكَ- وَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيمَا قُلْتَ قُرْآناً، فَلَمَّا نَزَلَ
[1]. بُرَحَاءُ كَعُلَمَاءَ: الشِّدَّةُ.