وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ
يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً ثم رخص عز و جل في الجهاد فقال لَيْسَ عَلَى
الْأَعْمى حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ- وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ
حَرَجٌ- وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثم قال: وَ مَنْ يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذاباً
أَلِيماً ثم قال: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها-
فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَ كَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ يعني فتح خيبر وَ لِتَكُونَ
آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ثم قال: وَ أُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ
اللَّهُ بِها- وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً ثم قال: وَ هُوَ
الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ
مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ أي من بعد أن أممتم من المدينة إلى الحرم
و طلبوا منكم الصلح بعد أن كانوا يغزونكم بالمدينة صاروا يطلبون الصلح- بعد إذ
كنتم أنتم تطلبون الصلح منهم- ثم أخبر الله عز و جل نبيه بعلة الصلح- و ما أجاز
الله لنبيه ص فقال: هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ
الْحَرامِ وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ- وَ لَوْ لا رِجالٌ
مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ يعني بمكة لَمْ تَعْلَمُوهُمْ
أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ فأخبر الله
نبيه أن علة الصلح- إنما كان للمؤمنين و المؤمنات الذين كانوا بمكة و لو لم يكن
صلح و كانت الحرب لقتلوا، فلما كان الصلح آمنوا و أظهروا الإسلام، و يقال إن ذلك
الصلح كان أعظم فتحا على المسلمين من غلبهم ثم قال: لَوْ تَزَيَّلُوا
لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً يعني هؤلاء الذين كانوا
بمكة من المؤمنين و المؤمنات- يعني لو زالوا عنهم و خرجوا من بينهم لَعَذَّبْنَا
الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً.