مِنْ جَبْرَئِيلَ ع نَظْرَةٌ قَبْلَ السَّمَاءِ- فَامْتَقَعَ لَوْنُهُ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ كَرُكْمَةٍ[1]. ثُمَّ لَاذَ بِرَسُولِ اللَّهِ ص، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى حَيْثُ نَظَرَ جَبْرَئِيلُ فَإِذَا شَيْءٌ قَدْ مَلَأَ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ مُقْبِلًا- حَتَّى كَانَ كَقَابٍ مِنَ الْأَرْضِ[2]. ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ- أُخْبِرُكَ أَنْ تَكُونَ مَلَكاً رَسُولًا أَحَبُّ إِلَيْكَ- أَوْ تَكُونَ عَبْداً رَسُولًا فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى جَبْرَئِيلَ وَ قَدْ رَجَعَ إِلَيْهِ لَوْنُهُ، فَقَالَ جَبْرَئِيلُ: بَلْ كُنْ عَبْداً رَسُولًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص بَلْ أَكُونُ عَبْداً رَسُولًا- فَرَفَعَ الْمَلَكُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى- فَوَضَعَهَا فِي كَبَدِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا- ثُمَّ رَفَعَ الْأُخْرَى فَوَضَعَهَا فِي الثَّانِيَةِ- ثُمَّ رَفَعَ الْيُمْنَى فَوَضَعَهَا فِي الثَّالِثَةِ- ثُمَّ هَكَذَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ- كُلُّ سَمَاءٍ خُطْوَةٌ- وَ كُلَّمَا ارْتَفَعَ صَغُرَ حَتَّى صَارَ آخِرُ ذَلِكَ مِثْلَ الذَّرِّ [الصِّرِّ] فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى جَبْرَئِيلَ فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُكَ ذَعِراً- وَ مَا رَأَيْتُ شَيْئاً كَانَ أَذْعَرَ لِي مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنِكَ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَا تَلُمْنِي- أَ تَدْرِي مَنْ هَذَا قَالَ: لَا، قَالَ: هَذَا إِسْرَافِيلُ حَاجِبُ الرَّبِّ- وَ لَمْ يَنْزِلْ مِنْ مَكَانِهِ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُنْحَطّاً ظَنَنْتُ أَنَّهُ جَاءَ بِقِيَامِ السَّاعَةِ، فَكَانَ الَّذِي رَأَيْتَ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنِي لِذَلِكَ، فَلَمَّا رَأَيْتَ مَا اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِهِ- رَجَعَ إِلَيَّ لَوْنِي وَ نَفْسِي- أَ مَا رَأَيْتَهُ كُلَّمَا ارْتَفَعَ صَغُرَ- أَنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ يَدْنُو مِنَ الرَّبِّ إِلَّا صَغُرَ لِعَظَمَتِهِ- إِنَّ هَذَا حَاجِبُ الرَّبِّ وَ أَقْرَبُ خَلْقِ اللَّهِ مِنْهُ- وَ اللَّوْحُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ- فَإِذَا تَكَلَّمَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِالْوَحْيِ- ضَرَبَ اللَّوْحُ جَبِينَهُ فَنَظَرَ فِيهِ- ثُمَّ يُلْقِيهِ إِلَيْنَا فَنَسْعَى بِهِ فِي السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ- إِنَّهُ لَأَدْنَى خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْهُ- وَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ سَبْعُونَ حِجَاباً مِنْ نُورٍ- تُقْطَعُ دُونَهَا الْأَبْصَارُ مَا لَا يُعَدُّ وَ لَا يُوصَفُ- وَ إِنِّي لَأَقْرَبُ الْخَلْقِ مِنْهُ- وَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ مَسِيرَةُ أَلْفِ عَامٍ
و قوله: وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى- إِلَّا أَنْ قالُوا أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا قال
[1]. كَرُكْمٍ: الْعِلْكُ ق م
[2]. أَيْ مِقْدَارُ نِصْفِ الْقَوْسِ. ج. ز