فَبَقِيَ فِي ذَلِكَ دَهْراً طَوِيلًا يَحْمَدُ اللَّهَ وَ يَشْكُرُهُ- حَتَّى وَقَعَ فِي بَدَنِهِ الدُّودُ[1] وَ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ بَدَنِهِ- فَيَرُدُّهَا وَ يَقُولُ لَهَا ارْجِعِي إِلَى مَوْضِعِكِ- الَّذِي خَلَقَكِ اللَّهُ مِنْهُ- وَ نَتِنَ حَتَّى أَخْرَجَهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ مِنَ الْقَرْيَةِ- وَ أَلْقَوْهُ فِي الْمَزْبَلَةِ خَارِجَ الْقَرْيَةِ- وَ كَانَتِ امْرَأَتُهُ رَحِيمَةُ- بِنْتُ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ وَ عَلَيْهَا تَتَصَدَّقُ مِنَ النَّاسِ وَ تَأْتِيهِ بِمَا تَجِدُهُ- قَالَ فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ الْبَلَاءُ وَ رَأَى إِبْلِيسُ صَبْرَهُ- أَتَى أَصْحَاباً لَهُ كَانُوا رُهْبَاناً فِي الْجِبَالِ وَ قَالَ لَهُمْ: مُرُّوا بِنَا إِلَى هَذَا الْعَبْدِ الْمُبْتَلَى- وَ نَسْأَلَهُ عَنْ بَلِيَّتِهِ فَرَكِبُوا بِغَالًا شُهْباً وَ جَاءُوا- فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ نَفَرَتْ بِغَالُهُمْ مِنْ نَتْنِ رِيحِهِ- فَقَرَنُوا بَعْضاً إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ مَشَوْا إِلَيْهِ- وَ كَانَ فِيهِمْ شَابٌّ حَدَثُ السِّنِّ فَقَعَدُوا إِلَيْهِ، فَقَالُوا: يَا أَيُّوبُ لَوْ أَخْبَرْتَنَا بِذَنْبِكَ- لَعَلَّ اللَّهَ كَانَ يُهْلِكُنَا إِذَا سَأَلْنَاهُ[2] وَ مَا نَرَى ابْتِلَاءَكَ بِهَذَا الْبَلَاءِ- الَّذِي لَمْ يُبْتَلَ بِهِ أَحَدٌ إِلَّا مِنْ أَمْرٍ كُنْتَ تَسْتُرُهُ فَقَالَ أَيُّوبُ وَ عَزَّةِ رَبِّي إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنِّي مَا أَكَلْتُ طَعَاماً- إِلَّا وَ يَتِيمٌ أَوْ ضَيْفٌ يَأْكُلُ
[1]. هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَيْضاً مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّقِيَّةِ لِعَدَمِ اسْتِقَامَتِهَا عَلَى قَوَاعِدِ الْإِمَامِيَّةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِتَنَزُّهِ الْمَعْصُومِينَ عَنِ الرَّذَائِلِ الْخَلْقِيَّةِ وَ الْخُلُقِيَّةِ مَعَ مَا وَرَدَ فِي الْأَخْبَارِ مَا يَرُدُّهُ. فَفِي قِصَصِ الْأَنْبِيَاءِ لِلسَّيِّدِ الْجَزَائِرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع: أَنَّ أَيُّوبَ ع مَعَ جَمِيعِ مَا ابْتُلِيَ بِهِ لَمْ تُنْتِنْ لَهُ رَائِحَةٌ وَ لَا قَبُحَتْ لَهُ صُورَةٌ، وَ لَا خَرَجَتْ مِنْهُ مِدَّةُ دَمٍ وَ لَا قَيْحٌ، وَ لَا اسْتَقْذَرَهُ أَحَدٌ رَآهُ، وَ لَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ أَحَدٌ شَاهَدَهُ، وَ لَا تَدُودُ شَيْءٌ مِنْ جَسَدِهِ، وَ هَكَذَا يَصْنَعُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بِجَمِيعِ مَنْ يَبْتَلِيهِ مِنْ أَنْبِيَائِهِ وَ أَوْلِيَائِهِ الْمُكْرَمِينَ عَلَيْهِ( ص 234).
وَ فِي تَفْسِيرِ الصَّافِي( ص 450) عَنِ الصَّادِقِينَ ع: أَنَّ أَيُّوبَ ع ابْتُلِيَ بِغَيْرِ ذَنْبٍ سَبْعَ سِنِينَ وَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ لَا يذنبون وَ لَا يزيغون وَ لَا يرتكبون ذَنْباً صَغِيراً وَ لَا كَبِيراً.
[2]. هَكَذَا فِي النُّسْخَةِ وَ الْأَوْلَى« فَعَلْنَاهُ» ج. ز