أَيِّ شَيْءٍ ضَعْفُ الصَّوْتِ وَ شِدَّتُهُ وَ أَيْنَ مَوْضِعُ الْعَقْلِ مِنَ الْبَدَنِ وَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ الْقَسَاوَةُ وَ الرِّقَّةُ وَ مِمَّ تَعَبُ الْبَدَنِ وَ دَعَتُهُ وَ مِمَّ تَكَسُّبُ الْبَدَنِ وَ حِرْمَانُهُ فَلَمْ يُجِبْهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع: طَعْمُ الْمَاءِ الْحَيَاةُ وَ طَعْمُ الْخُبْزِ الْقُوَّةُ- وَ ضَعْفُ الصَّوْتِ وَ شِدَّتُهُ مِنْ شَحْمِ الْكُلْيَتَيْنِ- وَ مَوْضِعُ الْعَقْلِ الدِّمَاغُ، أَ لَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ قَلِيلَ الْعَقْلِ- قِيلَ لَهُ مَا أَخَفَّ دِمَاغَكَ- وَ الْقَسْوَةُ وَ الرِّقَّةُ مِنَ الْقَلْبِ وَ هُوَ قَوْلُهُ:
فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَ تَعَبُ الْبَدَنِ وَ دَعَتُهُ مِنَ الْقَدَمَيْنِ- إِذَا تَعِبَا فِي الْمَشْيِ يَتْعَبُ الْبَدَنُ- وَ إِذَا أُوْدِعَا أُوْدِعَ الْبَدَنُ- وَ تَكَسُّبُ الْبَدَنِ وَ حِرْمَانُهُ مِنَ الْيَدَيْنِ إِذَا عَمِلَ بِهِمَا رُدَّتَا عَلَى الْبَدَنِ- وَ إِذَا لَمْ يَعْمَلْ بِهِمَا لَمْ تَرُدَّا عَلَى الْبَدَنِ شَيْئاً.
قوله: وَ اذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ- أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَ عَذابٍ
قَالَ فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحْرٍ [مَحْبُوبٍ] عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ بَلِيَّةِ أَيُّوبَ ع الَّتِي ابْتُلِيَ بِهَا فِي الدُّنْيَا- لِأَيِّ عِلَّةٍ كَانَتْ قَالَ لِنِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَ أَدَّى شُكْرَهَا وَ كَانَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَا يُحْجَبُ إِبْلِيسُ مِنْ دُونِ الْعَرْشِ فَلَمَّا صَعِدَ وَ رَأَى شُكْرَ نِعْمَةِ أَيُّوبَ حَسَدَهُ إِبْلِيسُ وَ قَالَ يَا رَبِّ إِنَّ أَيُّوبَ لَمْ يُؤَدِّ إِلَيْكَ شُكْرَ هَذِهِ النِّعْمَةِ- إِلَّا بِمَا أَعْطَيْتَهُ مِنَ الدُّنْيَا- وَ لَوْ حَرَمْتَهُ دُنْيَاهُ مَا أَدَّى إِلَيْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً- فَسَلِّطْنِي عَلَى دُنْيَاهُ- حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إِلَيْكَ شُكْرَ نِعْمَةٍ أَبَداً، فَقِيلَ لَهُ قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى مَالِهِ وَ وُلْدِهِ- قَالَ فَانْحَدَرَ إِبْلِيسُ فَلَمْ يُبْقِ لَهُ مَالًا وَ وَلَداً إِلَّا أَعْطَبَهُ- فَازْدَادَ أَيُّوبُ شُكْراً لِلَّهِ وَ حَمْداً قَالَ فَسَلِّطْنِي عَلَى زَرْعِهِ، قَالَ قَدْ فَعَلْتُ فَجَاءَ مَعَ شَيَاطِينِهِ فَنَفَخَ فِيهِ فَاحْتَرَقَ فَازْدَادَ أَيُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً- فَقَالَ يَا رَبِّ! سَلِّطْنِي عَلَى غَنَمِهِ، فَسَلَّطَهُ عَلَى غَنَمِهِ فَأَهْلَكَهَا- فَازْدَادَ أَيُّوبُ لِلَّهِ شُكْراً وَ حَمْداً- وَ قَالَ يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى بَدَنِهِ- فَسَلَّطَهُ عَلَى بَدَنِهِ مَا خَلَا عَقْلَهُ وَ عَيْنَهُ- فَنَفَخَ فِيهِ إِبْلِيسُ فَصَارَ قَرْحَةً وَاحِدَةً مِنْ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ