الْبَيْتِ وَ احْتَبَسَ الْغُلَامَ- فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى مَوْضِعِ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى فَاسْتَشَارَ ابْنَهُ وَ قَالَ كَمَا حَكَى اللَّهُ «يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى» فَقَالَ الْغُلَامُ كَمَا حَكَى اللَّهُ امْضِ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ بِهِ «يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ» وَ سَلَّمَا لِأَمْرِ اللَّهِ، وَ أَقْبَلَ شَيْخٌ فَقَالَ: يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تُرِيدُ مِنْ هَذَا الْغُلَامِ قَالَ أُرِيدُ أَنْ أَذْبَحَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ! تَذْبَحُ غُلَاماً لَمْ يَعْصِ اللَّهَ طَرْفَةَ عَيْنٍ! فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِذَلِكَ- فَقَالَ رَبُّكَ يَنْهَاكَ عَنْ ذَلِكَ وَ إِنَّمَا أَمَرَكَ بِهَذَا الشَّيْطَانُ، فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ وَيْلَكَ إِنَّ الَّذِي بَلَّغَنِي هَذَا الْمَبْلَغَ- هُوَ الَّذِي أَمَرَنِي بِهِ وَ الْكَلَامُ الَّذِي وَقَعَ فِي أُذُنِي- فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَمَرَكَ بِهَذَا إِلَّا الشَّيْطَانُ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لَا وَ اللَّهِ لَا أُكَلِّمُكَ- ثُمَّ عَزَمَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى الذَّبْحِ، فَقَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّكَ إِمَامٌ يُقْتَدَى بِكَ- وَ إِنَّكَ إِنْ ذَبَحْتَهُ ذَبَحَ النَّاسُ أَوْلَادَهُمْ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ- وَ أَقْبَلَ إِلَى الْغُلَامِ فَاسْتَشَارَهُ فِي الذَّبْحِ- فَلَمَّا أَسْلَمَا جَمِيعاً لِأَمْرِ اللَّهِ قَالَ الْغُلَامُ- يَا أَبَتِ خَمِّرْ وَجْهِي وَ شُدَّ وَثَاقِي- فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ يَا بُنَيَّ الْوَثَاقُ مَعَ الذَّبْحِ- لَا وَ اللَّهِ لَا أَجْمَعُهُمَا عَلَيْكَ الْيَوْمَ- فَرَمَى لَهُ بِقِرْطَانِ الْحِمَارِ ثُمَّ أَضْجَعَهُ عَلَيْهِ وَ أَخَذَ الْمُدْيَةَ- فَوَضَعَهَا عَلَى حَلْقِهِ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ- ثُمَّ انْتَحَى[1] عَلَيْهِ الْمُدْيَةَ فَقَلَبَ جَبْرَئِيلُ الْمُدْيَةَ عَلَى قَفَاهَا- وَ اجْتَرَّ الْكَبْشَ مِنْ قِبَلِ ثَبِيرٍ[2] وَ أَثَارَ الْغُلَامَ مِنْ تَحْتِهِ- وَ وَضَعَ الْكَبْشَ مَكَانَ الْغُلَامِ- وَ نُودِيَ مِنْ مَسِيرَةِ مَسْجِدِ الْخَيْفِ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا- إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ- إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ قَالَ: وَ لَحِقَ إِبْلِيسُ بِأُمِّ الْغُلَامِ- حِينَ نَظَرَتْ إِلَى الْكَعْبَةِ فِي وَسَطِ الْوَادِي بِحِذَاءِ الْبَيْتِ فَقَالَ لَهَا شَيْخٌ رَأَيْتِهِ، قَالَتْ: إِنَّ ذَلِكَ بَعْلِي- قَالَ فَوَصِيفٌ رَأَيْتُهُ مَعَهُ فَقَالَتْ: ذَاكَ ابْنِي- قَالَ: فَإِنِّي رَأَيْتُهُ وَ قَدْ أَضْجَعَهُ وَ أَخَذَ الْمُدْيَةَ لِيَذْبَحَهُ! فَقَالَتْ:
[1]. انْتَحَى عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ: أَقْبَلَ عَلَيْهِ بِهِ.
[2]. ثَبِيرٌ كَأَمِيرٍ: جَبَلٌ بِمَكَّةَ. مجمع