قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: بَعَثَ اللَّهُ رَجُلَيْنِ إِلَى أَهْلِ مَدِينَةِ أَنْطَاكِيَةَ فَجَاءَهُمْ بِمَا لَا يَعْرِفُونَ فَغَلَّظُوا عَلَيْهِمَا- فَأَخَذُوهُمَا وَ حَبَسُوهُمَا فِي بَيْتِ الْأَصْنَامِ، فَبَعَثَ اللَّهُ الثَّالِثَ فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ فَقَالَ: أَرْشِدُونِي إِلَى بَابِ الْمَلِكِ- قَالَ: فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَلِكِ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ كُنْتُ أَتَعَبَّدُ فِي فَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ- وَ قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَعْبُدَ إِلَهَ الْمَلِكِ فَأَبْلَغُوا كَلَامَهُ الْمَلِكَ، فَقَالَ: أَدْخِلُوهُ إِلَى بَيْتِ الْآلِهَةِ- فَأَدْخَلُوهُ فَمَكَثَ سَنَةً مَعَ صَاحِبَيْهِ، فَقَالَ بِهَذَا يُنْقَلُ قَوْمٌ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ بِالْحِذْقِ [بِالْحَرْفِ] أَ فَلَا رَفَقْتُمَا ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: لَا تُقِرَّانِ بِمَعْرِفَتِي- ثُمَّ أُدْخِلَ عَلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ بَلَغَنِي أَنَّكَ كُنْتَ تَعْبُدُ إِلَهِي- فَلَمْ أَزَلْ وَ أَنْتَ أَخِي فَاسْأَلْنِي حَاجَتَكَ! قَالَ: مَا لِي حَاجَةٌ أَيُّهَا الْمَلِكُ- وَ لَكِنْ رَأَيْتُ رَجُلَيْنِ فِي بَيْتِ الْآلِهَةِ فَمَا بَالُهُمَا قَالَ الْمَلِكُ: هَذَانِ رَجُلَانِ أَتَيَانِي بِبُطْلَانِ دِينِي- وَ يَدْعُوَانِي إِلَى إِلَهٍ سَمَاوِيٍّ، فَقَالَ أَيُّهَا الْمَلِكُ فَمُنَاظَرَةٌ جَمِيلَةٌ- فَإِنْ يَكُنِ الْحَقُّ لَهُمَا اتَّبَعْنَاهُمَا- وَ إِنْ يَكُنِ الْحَقُّ لَنَا دَخَلَا مَعَنَا فِي دِينِنَا، فَكَانَ لَهُمَا مَا لَنَا وَ مَا عَلَيْهِمَا مَا عَلَيْنَا قَالَ فَبَعَثَ الْمَلِكُ إِلَيْهِمَا- فَلَمَّا دَخَلَا إِلَيْهِ قَالَ لَهُمَا صَاحِبُهُمَا مَا الَّذِي جِئْتُمَا بِهِ قَالا جِئْنَا نَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ- وَ يَخْلُقُ فِي الْأَرْحَامِ مَا يَشَاءُ وَ يُصَوِّرُ كَيْفَ يَشَاءُ- وَ أَنْبَتَ الْأَشْجَارَ وَ الْأَثْمَارَ وَ أَنْزَلَ الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ.
قَالَ فَقَالَ لَهُمَا أَ إِلَهُكُمَا هَذَا الَّذِي تَدْعُوَانِ إِلَيْهِ- وَ إِلَى عِبَادَتِهِ إِنْ جِئْنَا بِأَعْمَى يَقْدِرُ أَنْ يَرُدَّهُ صَحِيحاً- قَالا إِنْ سَأَلْنَاهُ أَنْ يَفْعَلَ فَعَلَ إِنْ شَاءَ، قَالَ أَيُّهَا الْمَلِكُ عَلَيَّ بِأَعْمَى لَمْ يُبْصِرْ قَطُّ قَالَ فَأُتِيَ بِهِ، فَقَالَ لَهُمَا ادْعُوَا إِلَهَكُمَا أَنْ يَرُدَّ بَصَرَ هَذَا، فَقَامَا وَ صَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا عَيْنَاهُ مَفْتُوحَتَانِ- وَ هُوَ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ أَيُّهَا الْمَلِكُ عَلَيَّ بِأَعْمَى آخَرَ، قَالَ فَأُتِيَ بِهِ قَالَ فَسَجَدَ سَجْدَةً ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ- فَإِذَا الْأَعْمَى الْآخَرُ بَصِيرٌ، فَقَالَ أَيُّهَا الْمَلِكُ حُجَّةٌ بِحُجَّةٍ عَلَيَّ بِمُقْعَدٍ، فَأُتِيَ بِهِ فَقَالَ لَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ فَصَلَّيَا وَ دَعَوَا اللَّهَ- فَإِذَا الْمُقْعَدُ قَدْ أُطْلِقَتْ رِجْلَاهُ وَ قَامَ يَمْشِي، فَقَالَ أَيُّهَا الْمَلِكُ عَلَيَّ بِمُقْعَدٍ آخَرَ- فَأُتِيَ بِهِ فَصَنَعَ بِهِ كَمَا صَنَعَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَانْطَلَقَ الْمُقْعَدُ، فَقَالَ أَيُّهَا الْمَلِكُ قَدْ أُوتِينَا