في الدنيا ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ في الآخرة يَصْلاها
مَذْمُوماً مَدْحُوراً يعني يلقى في النار ثم ذكر من عمل للآخرة فقال: وَ مَنْ
أَرادَ الْآخِرَةَ وَ سَعى لَها سَعْيَها وَ هُوَ مُؤْمِنٌ- فَأُولئِكَ كانَ
سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً ثم قال كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ
عَطاءِ رَبِّكَ يعني من أراد الدنيا من الآخرة- و معنى نمد أي نعطي وَ ما كانَ
عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً أي ممنوعا-
و قوله: لا تَجْعَلْ
مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا أي في النار و هو مخاطبة
للنبي و المعنى للناس
و قوله: وَ قَضى
رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً- إِمَّا
يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما- فَلا تَقُلْ لَهُما
أُفٍ
قال لو علم أن شيئا أقل من أف لقاله وَ لا تَنْهَرْهُما أي لا تخاصمهما- و في
حديث آخر أفا بالألف- أي و لا تقل لهما أفا وَ قُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً أي حسنا وَ اخْفِضْ
لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ فقال تذلل لهما و لا تتجبر عليهما وَ قُلْ
رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً- رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي
نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ- فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ يعني للتوابين غَفُوراً
و قوله وَ آتِ ذَا
الْقُرْبى حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ يعني قرابة رسول الله ص
و أنزلت في فاطمة ع فجعل لها فدك و المسكين من ولد فاطمة و ابن السبيل من آل محمد
و ولد فاطمة وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً أي لا تنفق المال في
غير طاعة الله إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ و المخاطبة
للنبي و المعنى للناس- ثم عطف بالمخاطبة على الوالدين فقال وَ إِمَّا
تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ يعني عن الوالدين- إذا كان لك عيال أو كنت عليلا أو فقيرا فَقُلْ
لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً أي حسنا- إذا لم تقدر على برهم و خدمتهم- فارج
لهم من الله الرحمة.