responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القمي نویسنده : القمي، علي بن ابراهيم    جلد : 2  صفحه : 173

وَ تَبَارَكَ‌ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ‌[1] ثُمَّ رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى مَنْزِلِهِ- وَ وَقَعَتْ زَيْنَبُ فِي قَلْبِهِ مَوْقِعاً عَجِيباً، وَ جَاءَ زَيْدٌ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَخْبَرَتْهُ زَيْنَبُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ لَهَا زَيْدٌ: هَلْ لَكِ أَنْ أُطَلِّقَكِ حَتَّى يَتَزَوَّجَكِ رَسُولُ اللَّهِ ص فَلَعَلَّكِ قَدْ وَقَعْتِ فِي قَلْبِهِ فَقَالَتْ: أَخْشَى أَنْ تُطَلِّقَنِي وَ لَا يَتَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ ص فَجَاءَ زَيْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبَرَتْنِي زَيْنَبُ بِكَذَا وَ كَذَا- فَهَلْ لَكَ أَنْ أُطَلِّقَهَا حَتَّى تَتَزَوَّجَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لَا، اذْهَبْ فَاتَّقِ اللَّهَ وَ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ، ثُمَّ حَكَى اللَّهُ فَقَالَ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اتَّقِ اللَّهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ- وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ- فَلَمَّا قَضى‌ زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها إِلَى قَوْلِهِ‌ وَ كانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا فَزَوَّجَهُ اللَّهُ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ‌[2].


[1]. وَ فِي تَفْسِيرِ الْكَشَّافِ وَ الْبَيْضَاوِيِّ أَنَّهُ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ حِينَ رَآهَا فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُحْمَلُ عَلَى التَّقِيَّةِ لِوُرُودِهَا مُوَافِقَةً لِلْعَامَّةِ، وَ الصَّحِيحُ أَنَّ النَّبِيَّ ص لَمْ يَقُلْ مِثْلَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَ لَمْ يَجِئْ إِلَى دَارِهَا كَمَا سَيَجِي‌ءُ فِي هَذَا الْكِتَابِ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:« ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ‌ أَمْراً ... إلخ الْآيَةَ».

[2]. وَ يُمْكِنُ الْإِيرَادُ عَلَيْهِ أَوَّلًا أَنَّهُ كَيْفَ يَسُوغُ لِرَسُولِ اللَّهِ ص أَنْ يَنْظُرَ إِلَى زَوْجَةِ الْغَيْرِ، وَ ثَانِياً أَنَّهُ لَا يُنَاسِبُهُ أَنْ يَمِيلَ إِلَيْهَا، وَ ثَالِثاً أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِمَقَامِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ زَيْنَبَ بَعْدَ مَا أَنْكَحَهَا مِنْ زَيْدٍ، لِأَنَّهُ وَ إِنْ كَانَ جَائِزاً إِلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ وَ هَذَا لَا يَفْعَلُهُ عَامِّيٌّ فَكَيْفَ النَّبِيُّ الْأَعْظَمُ الَّذِي أُسْوَتُهُ تُتَّبَعُ.

وَ جَوَابُ الْأَوَّلِ( أَ) لَعَلَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ كَانَتْ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْحِجَابِ وَ النَّهْيِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ( ب) وَ عَلَى فَرْضِ كَوْنِهَا بَعْدَهُ إِنَّهُ إِشْكَالٌ فِي جَوَازِ النَّظْرَةِ الْأُولَى اتِّفَاقاً( ج) النَّبِيُّ ص مَرْتَبَتُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُمَّتِهِ أَعْظَمُ وَ أَوْلَى مِنْ أَنْفُسِهِمْ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى:« النَّبِيُّ أَوْلى‌ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» خَرَجَ مِنْهُ مَا خَرَجَ كَحُرْمَةِ تَزْوِيجِ ذَاتِ الْبَعْلِ وَ بَقِيَ غَيْرُهُ فِي الْعُمُومِ فَيَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ وَ لَوْ عَمْداً إِلَى سَائِرِ نِسَاءِ أُمَّتِهِ.

الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي: أَنَّ مَيْلَ النَّفْسِ إِلَى كُلِّ شَيْ‌ءٍ حَسَنٍ وَ إِعْجَابَهَا بِهِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْفِطْرَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَ لَوْلَاهُ لَمَا اسْتُحْسِنَ الِانْتِهَاءُ عَمَّا نُهِيَ عَنْهُ بَلْ عَدَمُ الْمَيْلِ دَلِيلُ فُتُورٍ فِي الْفِطْرَةِ الْأَوَّلِيَّةِ، وَ النَّبِيُّ حَيْثُ إِنَّهُ بَشَرٌ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ كَمَالِ سَائِرِ الْمُقْتَضَيَاتِ الْبَشَرِيَّةِ، لَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُ أَنَّ مُيُولَنَا النَّفْسَانِيَّةَ رُبَّمَا تَذْهَبُ بِنَا إِلَى مَهَاوِي الملكات وَ النَّبِيُّ لَا يقتحمها أَبَداً لِمَكَانِ الْعِصْمَةِ.

الْجَوَابُ عَنِ الثَّالِثِ: أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا إِلَّا بَعْدَ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى حُكْمٍ، مِنْهَا مَا بَيَّنَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً، وَ مِنْهَا مَا لَمْ يُبَيِّنِ اللَّهُ وَ هِيَ أَنَّ زَيْداً لَمَّا اشْتَهَرَ بَيْنَ النَّاسِ بِابْنِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص لَأَمْكَنَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ السَّذِجِ لَا سِيَّمَا مِنَ الَّذِينَ كَانَ كَمَالُ مَجْهُودِهِمْ حَطَّ مَقَامِ أَهْلِ الْبَيْتِ ع أَنْ يُعْطُوا زَيْداً مَقَامَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ ص بَعْدَ وَفَاتِهِ بَلْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُسْتَبْعَدِ أَنْ يَجْعَلُوهُ خَلِيفَةً لَهُ بِدَلِيلِ كَوْنِهِ ابْناً لَهُ، فَكَانَ اللَّازِمُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسُدَّ هَذَا الْمَجَالِ فَبَيْنَ الْفِرَقِ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْوَلَدِ النَّسَبِيِّ بِجَوَازِ التَّزْوِيجِ مِنْ مَدْخُولَةِ الِابْنِ الدَّعِيِّ دُونَ مدخولة الِابْنِ النَّسَبِيِّ وَ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ النَّبِيُّ مِنْ زَوْجَةِ زَيْدٍ حَتَّى يَنْحَسِمَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ ابْناً لَهُ فأوجد دَوَاعِي هَذَا الزِوَاجِ مِنْ نَظَرِهِ إِلَيْهَا وَ إِلْقَاءِ محبتها فِي قَلْبِهِ وَ لَمَّا رَأَى أَنَّ النَّبِيَّ ص لَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ لمقام حَيَائِهِ وَ عِفَّتِهِ قَالَ: تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى النَّاسَ وَ اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ‌ الْآيَةَ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا الزِوَاجِ مِثْلُ هَذِهِ الْحِكْمَةِ لَمَا كَانَ جَائِزاً لِلنَّبِيِّ لِأَنَّ النَّبِيَّ لَا يَفْعَلُ فِعْلًا عَبَثاً فَكَيْفَ مَا كَانَ مَذْمُوماً وَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ مَنَعَ عَنْ مِثْلِ هَذَا الزِوَاجِ فِيمَا بَعْدُ لِكَوْنِهِ عادما للحكمة الْمَذْكُورَةِ لِقَوْلِهِ:

لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَ لا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ‌.

وَ سَيَجِي‌ءُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى:« ما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ» أَنَّهُ ص لَمْ يَذْهَبْ إِلَى بَيْتِ زَيْدٍ وَ أَنَّهُمَا( أَيْ زَيْداً وَ زَيْنَبَ) جَاءَا إِلَى النَّبِيِّ لِرَفْعِ التَّخَاصُمِ بَيْنَهُمَا وَ هَذَا هُوَ الأوفق لاعتضاده بِغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَاتِ الْإِمَامِيَّةِ، وَ الْأَوَّلُ عَلَى مذاق الْعَامَّةِ فَيُتْرَكُ ج. ز

نام کتاب : تفسير القمي نویسنده : القمي، علي بن ابراهيم    جلد : 2  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست