بِالطَّهَارَةِ- وَ قَبِلْتَ شَهَادَةَ النَّاسِ عَلَيْهَا- كَمَا رَدَدْتَ حُكْمَ اللَّهِ وَ حُكْمَ رَسُولِهِ أَنْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص لَهَا فَدَكَ وَ قَبَضَتْهُ فِي حَيَاتِهِ- ثُمَّ قَبِلْتَ شَهَادَةَ أَعْرَابِيٍّ بَائِلٍ عَلَى عَقِبِهِ عَلَيْهَا- فَأَخَذْتَ مِنْهَا فَدَكَ وَ زَعَمْتَ أَنَّهُ فَيْءُ الْمُسْلِمِينَ وَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى- وَ الْيَمِينُ عَلَى مَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَدَمْدَمَ النَّاسُ[1] وَ بَكَى بَعْضُهُمْ فَقَالُوا صَدَقَ وَ اللَّهِ عَلِيٌّ وَ رَجَعَ عَلِيٌّ ع إِلَى مَنْزِلِهِ.
قَالَ: وَ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَ طَافَتْ بِقَبْرِ أَبِيهَا ع وَ هِيَ تَبْكِي وَ تَقُولُ:
إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الْأَرْضِ وَابِلَهَا
وَ اخْتَلَّ قَوْمُكَ فَاشْهَدْهُمْ وَ لَا تَغِبْ
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَ هَنْبَثَةٌ[2]
لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ تَكْثُرِ الْخُطَبُ
قَدْ كَانَ جِبْرِيلُ بِالْآيَاتِ يُؤْنِسُنَا
فَغَابَ عَنَّا وَ كُلُّ الْخَيْرِ مُحْتَجَبٌ
وَ كُنْتَ بَدْراً وَ نُوراً يُسْتَضَاءُ بِهِ
عَلَيْكَ تَنْزِلُ مِنْ ذِي الْعِزَّةِ الْكُتُبُ
فَقَمَّصَتْنَا[3] رِجَالٌ وَ اسْتُخِفَّ بِنَا
إِذْ غِبْتَ عَنَّا فَنَحْنُ الْيَوْمَ نُغْتَصَبُ
فَكُلُّ أَهْلٍ لَهُ قُرْبٌ وَ مَنْزِلَةٌ
عِنْدَ الْإِلَهِ عَلَى الْأَدْنَيْنَ[4] يَقْتَرِبُ
أَبْدَتْ رِجَالٌ لَنَا فَحْوَى[5] صُدُورِهِمُ
لَمَّا مَضَيْتَ وَ حَالَتْ دُونَكَ الْكُثُبُ
فَقَدْ رُزِينَا بِمَا لَمْ يرزأه [يُزْرَهُ] أَحَدٌ
مِنَ الْبَرِيَّةِ لَا عَجَمٌ وَ لَا عَرَبٌ
وَ قَدْ رُزِينَا بِهِ مَحْضاً خَلِيقَتُهُ
صَافِي الضَّرَائِبِ وَ الْأَعْرَاقِ وَ النَّسَبِ
[1]. أَيْ تَحَادَثُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ مُغْضَبِينَ.
[2]. الْأَمْرُ الشَّدِيدُ ج هَنَابِثُ.
[3]. قَمَصَ الشَّيْءَ احْتَقَرَهُ.
[4]. (الْأَدْيَانِ ك)
[5]. (نَجْوَى ط). ج. ز