لِلنَّاسِ- مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ الْبَحْرَ- الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ- وَ إِنَّ اللَّهَ قَدَّرَ فِيهِ مَجَارِيَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ- وَ النُّجُومِ وَ الْكَوَاكِبِ- ثُمَّ قَدَّرَ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى الْفَلَكِ- ثُمَّ وَكَّلَ بِالْفَلَكِ مَلَكاً مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ- يُدِيرُونَ الْفَلَكَ فَإِذَا دَارَتِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ- وَ النُّجُومُ وَ الْكَوَاكِبُ مَعَهُ نَزَلَتْ فِي مَنَازِلِهَا- الَّتِي قَدَّرَهَا اللَّهُ فِيهَا لِيَوْمِهَا وَ لَيْلَتِهَا- وَ إِذَا كَثُرَتْ ذُنُوبُ الْعِبَادِ- وَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَسْتَعْتِبَهُمْ بِآيَةٍ مِنْ آيَاتِهِ- أَمَرَ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالْفَلَكِ- أَنْ يُزِيلَ الْفَلَكَ الَّذِي عَلَيْهِ مَجَارِي الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ وَ النُّجُومِ وَ الْكَوَاكِبِ، فَيَأْمُرُ الْمَلَكُ أُولَئِكَ السَّبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ- أَنْ يُزِيلُوا الْفَلَكَ عَنْ مَجَارِيهِ قَالَ فَيُزِيلُونَهُ- فَتَصِيرُ الشَّمْسُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْفَلَكُ- فَيُطْمَسُ حَرُّهَا وَ يُغَيَّرُ لَوْنُهَا فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَظِّمَ الْآيَةَ- طُمِسَتِ الشَّمْسُ فِي الْبَحْرِ- عَلَى مَا يُحِبُّ اللَّهُ أَنْ يُخَوِّفَ خَلْقَهُ بِالْآيَةِ- فَذَلِكَ عِنْدَ شِدَّةِ انْكِسَافِ الشَّمْسِ- وَ كَذَلِكَ يُفْعَلُ بِالْقَمَرِ- فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُخْرِجَهُمَا وَ يَرُدَّهُمَا إِلَى مَجْرَاهُمَا- أَمَرَ الْمَلَكَ الْمُوَكَّلَ بِالْفَلَكِ- أَنْ يَرُدَّ الشَّمْسَ إِلَى مَجْرَاهَا- فَيَرُدُّ الْمَلَكُ الْفَلَكَ إِلَى مَجْرَاهُ فَتَخْرُجُ مِنَ الْمَاءِ[1] وَ هِيَ كَدِرَةٌ وَ الْقَمَرُ مِثْلُ ذَلِكَ- ثُمَّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع
[1]. لَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُطَابِقٍ ظَاهِراً لِلتَّحْقِيقَاتِ الْعَصْرِيَّةِ لِأَنَّ كُسُوفَ الشَّمْسِ عَلَى مَا حَقَّقُوهُ عِبَارَةٌ عَنْ حَيْلُولَةِ الْقَمَرِ بَيْنَ الشَّمْسِ وَ الْأَرْضِ وَ خُسُوفَ الْقَمَرِ عِبَارَةٌ عَنْ حَيْلُولَةِ الْأَرْضِ بَيْنَهَا وَ بَيْنَ الْقَمَرِ، مَعَ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لِلْمَاءِ فِي الْفَضَاءِ فَلَا مَعْنَى لِطَمْسِ الشَّمْسِ فِيهِ، إِلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي مَقَامِ التَّوْفِيقِ إِنَّهُ لِلْكُسُوفَيْنِ سَبَبَانِ الْأَوَّلُ:
الْحَيْلُولَةُ وَ الثَّانِي: طَمْسُهَا فِي الْمَاءِ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي ذَكَرَ فِي الرِّوَايَةِ، وَ وُجُودُ الْمَاءِ فِي الْفَضَاءِ غَيْرُ مُحَالٍ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ الشَّرِيفَةُ« هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ» وَ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِطَرِيقٍ آخَرَ وَ هُوَ: أَنَّ الْأَرْضَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ مِنْهَا أَوْ أَزْيَدُ مُغَطَّاةٌ بِالْمَاءِ فَلَمَّا تَكُونُ حَائِلَةً بَيْنَ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ يَصِيرُ ظِلُّ الْمَاءِ وَاقِعاً عَلَى الْقَمَرِ لِأَنَّ ثَخَنَ الْمَاءِ الْمُلْتَفَّ عَلَيْهَا زَائِداً جِدّاً، فَإِذَا فَرَضْنَا الشَّمْسَ إِلَى جَانِبٍ وَ الْقَمَرَ إِلَى جَانِبٍ آخَرَ وَ فِي وَسَطِهِمَا مِنَ الْأَرْضِ قِسْمَةِ مِنْهَا عَلَيْهَا الْمَاءَ وَ سَطْحِهِ محدب لِأَجْلِ كروية الْأَرْضِ فَيَكُونُ الْحَدَبِ المائي مَانِعاً عَنْ وُصُولِ ضَوْءِ الشَّمْسُ إِلَى الْقَمَرِ لِكَوْنِهِ حَائِلًا بَيْنَهُمَا فَيَقَعُ ظِلِّ ثخن الْمَاءِ عَلَى الْقَمَرِ فينخسف تَمَاماً أَوْ نَاقِصاً حَسَبَ مِقْدَارَ حيلولة الْمَاءِ فَيَصْدُقُ عَلَى الْقَمَرِ أَنَّهُ انْطَمَسَ فِي الْمَاءِ وَ لَوْ مَجَازاً( أَيُّ فِي ظِلِّ الْمَاءِ). وَ كَذَا نَقُولُ فِي انْكِسَافَ الشَّمْسُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ الْحَائِلِ بَيْنَهَا وَ بَيْنَ الْأَرْضِ نَفْسٍ السَّيَّارَةَ بَلْ قِسْمَةِ مِنْ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ فِيهِ وَ لَوْ فِي الزَّمَانِ السَّابِقِ لِإِمْكَانِ الْمَاءِ فِيهِ سَابِقاً كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضِ محققي عصرنا، وَ يُؤَيِّدُهُ مَا عَثَرْنَا عَلَيْهِ أَخِيراً فِي كِتَابِ« مَاهْ» تَأْلِيفِ فَارِسِيٌّ للفاضل الْمُحَقِّقُ السَّيِّدُ جَلَالِ إِمَامٍ جُمُعَةٍ الْجَزَائِرِيُّ مَا مَا خلاصته مترجما بِالْعَرَبِيَّةِ:
« أَنْ التَّصَاوِيرِ الَّتِي أَخَذَتْ أَخِيراً بِوَاسِطَةٍ سبوتنك الأمريكي أوربيتر الرقم 4- 5 مِنْ كَرَّةً الْقَمَرِ انعكست فِيهَا أشكال لَهَا شباهة تَامَّةٌ بِالْأَنْهَارِ الأرضية وَ هَذَا صَارَ سَبَباً لاعتقاد بَعْضِ محققي الْعَصْرِ بِأَنْ الْقَمَرِ كَانَ فِيهِ سَابِقاً كَمِّيَّةِ وَافِرَةٍ مِنْ الْمَاءِ وَ أَنْ الفلكي الأمريكائي بروفيسر يوري قَالَ فِي مجلة الطَّبِيعَةِ الرقم 216، إِنْ حَاصِلٌ الرَّسُومُ الْجَدِيدَةِ( أوربيتر 4- 5) بُرْهَانٌ سَاطِعٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءِ كَانَ مَوْجُوداً فِي الْقَمَرِ بكمية كَثِيرَةٌ وَ أَعْلَامِ جِرْيَانُهُ وَاضِحَةٌ فِي هَذِهِ التَّصَاوِيرِ، لَكِنَّهُ بِمُرُورِ الزَّمَانِ وَ حَرَارَةٌ الشَّمْسُ تُبَدِّلِ بشكل البخار وَ لِكَوْنِ قِلَّةَ جاذبية الْقَمَرِ لَمْ يَرْجِعْ وَ انْتَشَرَ فِي الْفَضَاءِ إِلَى أَنْ قَالَ بَلْ إِنَّهُ مَوْجُودٌ الْآنَ أَيْضاً فِي طَبَقَاتٍ الْقَمَرِ منجمدا بشكل الثَّلْجِ فمفاد هَذَا الْكَشْفِ أَنْ كَرَّةً الْقَمَرِ متركب مِنْ أَجْزَاءٍ مَائِيَّةٍ وَ يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي الَّذِي قَالَ فِيهِ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ ع إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْقَمَرَ مِنْ ضَوْءِ النَّارِ وَ صَفْوِ الْمَاءِ طَبَقاً مِنْ هَذَا وَ طَبَقاً مِنْ هَذَا الْحَدِيثَ، فَتَبِينُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِمَّا دَلَّ عَلَى الْعِلْمِ الحيوي لِأَهْلِ بَيْتِ الْعِصْمَةَ ع وَ رسوخهم فِي الْعُلُومِ بأرجهائها زَمَانٌ لَمْ يَكُنْ لِتِلْكَ التحقيقات الْجَدِيدَةِ أَثَرِ وَ لَا خَبَرٍ نَعَمْ هُنَا شَيْءٌ ذَكَرَهُ الْإِمَامِ ع فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ« بُطُونَهُمَا يضيئان لِأَهْلِ السَّمَاءِ وَ ظُهُورِهِمَا يضيئان لِأَهْلِ الْأَرْضِ» وَ مَعْنَاهُ أَنْ الشمسين لَا تديران وجهيهما إِلَى الْأَرْضِ بَلْ إِلَيْنَا طَرَفِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَ هَذَا مِمَّا بَلَغَهُ الْيَوْمَ الْعُلَمَاءِ العصريون مَعَ أَنْ الْفَضْلِ للمخبر بِهِ قَبْلَ أَلْفَ عَامٍ.
وَ فِي الْكَافِي وَ الْبِحَارُ أَنَّهُ قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ لَهُ: إِنْ الشَّمْسُ لَوْ كَانَ وَجْهُهَا لِأَهْلِ الْأَرْضِ لَاحْتَرَقَتِ الْأَرْضُ وَ مَنْ عَلَيْهَا مِنْ شِدَّةِ حَرَّهَا( الْهَيْئَةِ وَ الْإِسْلَامِ ص 231). ج. ز