فقال الله عز و جل وَ كَذلِكَ يَفْعَلُونَ ثم قالت إن كان
هذا نبيا من عند الله كما يدعي- فلا طاقة لنا به- فإن الله لا يغلب و لكن سأبعث
إليه بهدية- فإن كان ملكا يميل إلى الدنيا قبلها- و علمنا أنه لا يقدر علينا-
فبعثت إليه حقه فيها جوهرة عظيمة- و قالت للرسول- قل له يثقب هذه الجوهر بلا حديد
و لا نار فأتاه الرسول بذلك- فأمر سليمان بعض جنوده من الديدان- فأخذ خيطا في فمه
ثم ثقبها- و أخرج الخيط من الجانب الآخر- و قال سليمان لرسولها فَما آتانِيَ
اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ- بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ
ارْجِعْ إِلَيْهِمْ- فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها أي لا طاقة لهم
بها
وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْها أَذِلَّةً وَ هُمْ صاغِرُونَ.
فرجع إليها الرسول
فأخبرها بذلك و بقوة سليمان فعلمت أنه لا محيص لها فارتحلت نحو سليمان فلما علم
سليمان بإقبالها نحوه- قال للجن و الشياطين أَيُّكُمْ يَأْتِينِي
بِعَرْشِها قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ عفاريت الْجِنِّ
أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ- وَ إِنِّي عَلَيْهِ
لَقَوِيٌّ أَمِينٌ قال سليمان أريد أسرع من ذلك، فقال آصف بن برخيا أَنَا آتِيكَ
بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فدعا الله باسمه
الأعظم- فخرج السرير من تحت كرسي سليمان فقال نَكِّرُوا لَها
عَرْشَها أي غيروه نَنْظُرْ أَ تَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا
يَهْتَدُونَ- فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَ هكَذا عَرْشُكِ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ و كان سليمان
قد أمر أن يتخذ لها بيتا من قوارير- و وضعه على الماء- ثم قِيلَ لَهَا ادْخُلِي
الصَّرْحَ فظنت أنه ماء فرفعت ثوبها و أبدت ساقيها- فإذا عليها شعر كثير فقيل لها إِنَّهُ
صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ- قالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَ
أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فتزوجها سليمان و هي
بلقيس بنت الشرح الحميرية و قالت الشياطين اتخذوا لها شيئا- يذهب الشعر عنها
فعملوا لها الحمامات و طبخوا النورة- فالحمامات و النورة مما اتخذته الشياطين
لبلقيس و كذا الأرحية التي تدور على الماء-.