فَعَلْتُها إِذاً وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ[1] إِلَى قَوْلِهِ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ فَ قالَ فِرْعَوْنُ وَ ما رَبُّ الْعالَمِينَ وَ إِنَّمَا سَأَلَهُ عَنْ كَيْفِيَّةِ اللَّهِ فَقَالَ مُوسَى رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ فَقَالَ فِرْعَوْنُ مُتَعَجِّباً لِأَصْحَابِهِ:
أَ لا تَسْتَمِعُونَ أَسْأَلُهُ عَنِ الْكَيْفِيَّةِ- فَيُجِيبُنِي عَنِ الصِّفَاتِ فَقَالَ مُوسَى رَبُّكُمْ وَ رَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ قَالَ لِمُوسَى: لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي- لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ قالَ مُوسَى: أَ وَ لَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ قالَ فِرْعَوْنُ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ- فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ جُلَسَاءِ فِرْعَوْنَ إِلَّا هَرَبَ- وَ دَخَلَ فِرْعَوْنَ مِنَ الرُّعْبِ مَا لَمْ يَمْلِكْ بِهِ نَفْسَهُ، فَقَالَ فِرْعَوْنُ:
أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ وَ بِالرَّضَاعِ- إِلَّا مَا كَفَفْتَهَا عَنِّي- فَكَفَّهَا ثُمَ نَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ فَلَمَّا أَخَذَ مُوسَى الْعَصَا رَجَعَتْ إِلَى فِرْعَوْنَ نَفْسُهُ- وَ هَمَّ بِتَصْدِيقِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ هَامَانُ فَقَالَ لَهُ: بَيْنَمَا أَنْتَ إِلَهٌ تُعْبَدُ إِذْ صِرْتَ تَابِعاً لِعَبْدٍ- ثُمَ قالَ فِرْعَوْنُ لِلْمَلَإِ الَّذِينَ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ- يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ- فَما ذا تَأْمُرُونَ إِلَى قَوْلِهِ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ وَ كَانَ فِرْعَوْنُ وَ هَامَانُ قَدْ تَعَلَّمَا السِّحْرَ
[1]. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَيَانِ: وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ أَيْ فَعَلْتُ هَذِهِ الْفَعْلَةَ وَ أَنَا مِنَ الْجَاهِلِينَ لَمْ أَعْلَمْ بِأَنَّهَا تَبْلُغُ الْقَتْلَ، وَ مَنْ قِيلَ مِنَ الضَّالِّينَ عَنِ النُّبُوَّةِ. أَيْ لَمْ يُوحَ إِلَيَّ تَحْرِيمُ قَتْلِهِ، وَ فِي الصَّافِي عَنِ الْعُيُونِ عَنِ الرِّضَا ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ فَقَالَ: قَالَ وَ أَنَا مِنَ الضَّالِّينَ عَنِ الطَّرِيقِ بِوُقُوعِي إِلَى مَدِينَةٍ مِنْ مَدَائِنِكُمْ ثُمَّ قَالَ الْكَاشَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَوْضِيحِ هَذَا الْحَدِيثِ: لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ وَرَى لِفِرْعَوْنَ فَقَصَدَ الضَّلَالَ عَنِ الطَّرِيقِ وَ فِرْعَوْنُ إِنَّمَا فَهِمَ مِنْهُ الْجَهْلَ وَ الضَّلَالَ عَنِ الْحَقِّ فَإِنَّ الضَّلَالَ عَنِ الطَّرِيقِ لَا يَصْلُحُ عُذْراً لِلْقَتْلِ ج ز