كانت العرب إذا وقفوا بالمشعر يتفاخرون بآبائهم فيقولون لا و أبيك لا و أبي و أمر الله أن يقولوا لا و الله و بلى و الله- و قوله فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ
فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيِّ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع بَعْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنَ الْمَوْقِفِ- فَقَالَ أَ تَرَى يُجِيبُ اللَّهُ هَذَا الْخَلْقَ كُلَّهُ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَا وَقَفَ بِهَذَا الْمَوْقِفِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ مُؤْمِنٌ وَ لَا كَافِرٌ- إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا أَنَّهُمْ فِي مَغْفِرَتِهِمْ عَلَى ثَلَاثِ مَنَازِلَ، مُؤْمِنٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأَخَّرَ- وَ أَعْتَقَهُ مِنَ النَّارِ وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ «وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً- وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّارِ» وَ مُؤْمِنٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ- وَ قِيلَ لَهُ أَحْسِنْ فِيمَا بَقِيَ- فَذَلِكَ قَوْلُهُ «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ- وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى[1] الْكَبَائِرَ وَ أَمَّا الْعَامَّةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ- وَ مَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى الصَّيْدَ، أَ فَتَرَى أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى حَرَّمَ الصَّيْدَ بَعْدَ مَا أَحَلَّهُ- لِقَوْلِهِ «وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا» وَ فِي تَفْسِيرِ الْعَامَّةِ مَعْنَاهُ فَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاتَّقُوا الصَّيْدَ، وَ كَافِرٌ[2] وَقَفَ هَذَا الْمَوْقِفَ يُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا- غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مِنْ ذَنْبِهِ مَا تَقَدَّمَ إِنْ تَابَ مِنَ الشِّرْكِ- وَ إِنْ لَمْ يَتُبْ وَافَاهُ اللَّهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا- وَ لَمْ يَحْرِمْهُ ثَوَابَ هَذَا
[1]. أَيْ تَعَجَّلَ فِي الذَّهَابِ إِلَى وَطَنِهِ- عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَاجّاً لَا يَخْطُو خُطْوَةً وَ لَا تَخْطُو بِهِ رَاحِلَتُهُ إِلَّا كُتِبَ لَهُ بِهَا حَسَنَةٌ وَ مُحِيَ عَنْهُ سَيِّئَةٌ، وَ رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ فَإِذَا وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ فَلَوْ كَانَتْ لَهُ ذُنُوبٌ عَدَدَ الثَّرَى رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ فَقَالَ لَهُ اسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ يَقُولُ اللَّهُ« فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ»( الآية)- البرهان.
[2]. عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ« مُؤْمِنٌ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ». ج- ز