مِمَّا يَعْمَلُ خَلْقُكَ فِي أَرْضِكَ- وَ مِمَّا يَصِفُونَ فِيكَ الْكَذِبَ وَ يَقُولُونَ الزُّورَ- وَ يَرْتَكِبُونَ الْمَعَاصِيَ وَ قَدْ نَهَيْتَهُمْ عَنْهَا- ثُمَّ أَنْتَ تَحْلُمُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِي قَبْضَتِكَ وَ قُدْرَتِكَ وَ خِلَالِ عَافِيَتِكَ» قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ع فَأَحَبَّ اللَّهُ أَنْ يُرِيَ الْمَلَائِكَةَ الْقُدْرَةَ- وَ نَافِذَ أَمْرِهِ فِي جَمِيعِ خَلْقِهِ وَ يُعَرِّفَ الْمَلَائِكَةَ مَا مَنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ- وَ مِمَّا عَدَلَهُ عَنْهُمْ مِنْ صُنْعِ خَلْقِهِ- وَ مَا طَبَعَهُمْ عَلَيْهِ مِنَ الطَّاعَةِ وَ عَصَمَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ، قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِ انْتَخِبُوا مِنْكُمْ مَلَكَيْنِ- حَتَّى أُهْبِطَهُمَا إِلَى الْأَرْضِ- ثُمَّ أَجْعَلَ فِيهِمَا مِنْ طَبَائِعِ المَطْعَمِ- وَ الْمَشْرَبِ وَ الشَّهْوَةِ وَ الْحِرْصِ وَ الْأَمَلِ- مِثْلَ مَا جَعَلْتُهُ فِي وُلْدِ آدَمَ ثُمَّ أَخْتَبِرَهُمَا فِي الطَّاعَةِ لِي، فَنَدَبُوا إِلَى ذَلِكَ هَارُوتَ وَ مَارُوتَ وَ كَانَا مِنْ أَشَدِّ الْمَلَائِكَةِ قَوْلًا فِي الْعَيْبِ لِوُلْدِ آدَمَ وَ اسْتِيثَارِ غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمَا أَنِ اهْبِطَا إِلَى الْأَرْضِ- فَقَدْ جَعَلْتُ فِيكُمَا- مِنْ طَبَائِعِ الطَّعَامِ وَ الشَّرَابِ وَ الشَّهْوَةِ وَ الْحِرْصِ وَ الْأَمَلِ- مِثْلَ مَا جَعَلْتُهُ فِي وُلْدِ آدَمَ، قَالَ ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمَا انْظُرَا أَنْ لَا تُشْرِكَا بِي شَيْئاً- وَ لَا تَقْتُلَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ وَ لَا تَزْنِيَا وَ لَا تَشْرَبَا الْخَمْرَ- قَالَ ثُمَّ كَشَطَ عَنِ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ لِيُرِيَهُمَا قُدْرَتَهُ- ثُمَّ أَهْبَطَهُمَا إِلَى الْأَرْضِ فِي صُورَةِ الْبَشَرِ وَ لِبَاسِهِمْ- فَهَبَطَا نَاحِيَةَ بَابِلَ فَوَقَعَ لَهُمَا بِنَاءٌ مُشْرِقٌ فَأَقْبَلَا نَحْوَهُ- فَإِذَا بِحَضْرَتِهِ امْرَأَةٌ جَمِيلَةٌ حَسْنَاءُ- مُتَزَيِّنَةٌ عَطِرَةٌ مُقْبِلَةٌ مُسْفِرَةٌ نَحْوَهُمَا، قَالَ فَلَمَّا نَظَرَا إِلَيْهَا وَ نَاطَقَاهَا وَ تَأَمَّلَاهَا- وَقَعَتْ فِي قُلُوبِهِمَا مَوْقِعاً شَدِيداً لِمَوْقِعِ الشَّهْوَةِ- الَّتِي جُعِلَتْ فِيهِمَا- فَرَجَعَا إِلَيْهَا رُجُوعَ فِتْنَةٍ وَ خِذْلَانٍ وَ رَاوَدَاهَا عَنْ نَفْسِهِمَا فَقَالَتْ لَهُمَا إِنَّ لِي دِيناً أَدِينُ بِهِ- وَ لَيْسَ أَقْدِرُ فِي دِينِي عَلَى أَنْ أُجِيبَكُمَا إِلَى مَا تُرِيدَانِ إِلَّا أَنْ تَدْخُلَا فِي دِينِيَ الَّذِي أَدِينُ بِهِ فَقَالا لَهَا وَ مَا دِينُكِ، قَالَتْ لِي إِلَهٌ مَنْ عَبَدَهُ وَ سَجَدَ لَهُ- كَانَ لِيَ السَّبِيلُ إِلَى أَنْ أُجِيبَهُ إِلَى كُلِّ مَا سَأَلَنِي، فَقَالا لَهَا وَ مَا إِلَهُكِ قَالَتْ إِلَهِي هَذَا الصَّنَمُ- قَالَ فَنَظَرَ أَحَدُهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ- فَقَالَ هَاتَانِ خَصْلَتَانِ مِمَّا نَهَانَا عَنْهُمَا الشِّرْكُ وَ الزِّنَا- لِأَنَّا إِنْ سَجَدْنَا لِهَذَا الصَّنَمِ وَ عَبَدْنَاهُ أَشْرَكْنَا بِاللَّهِ- وَ إِنَّمَا نُشْرِكُ بِاللَّهِ لِنَصِلَ إِلَى الزِّنَا- وَ هُوَ ذَا نَحْنُ نَطْلُبُ الزِّنَا وَ لَيْسَ نَخْطَأُ إِلَّا بِالشِّرْكِ- فَائْتَمَرَا بَيْنَهُمَا