اللَّهَ خَتَمَ عَلَى سَمْعِهِمْ وَ أَبْصَارِهِمْ وَ
قُلُوبِهِمْ- وَ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ- لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي
الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ» هَكَذَا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَ
قَوْلُهُ أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَ سَمْعِهِمْ وَ
أَبْصارِهِمْ الْآيَةَ- هَكَذَا فِي الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ- هَذَا
كُلُّهُ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ كَانَ عَامِلًا
لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ عَلَى مِصْرَ و نزل فِيهِ أَيضا «وَ مَنْ قالَ
سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ- وَ لَوْ تَرى- إِذِ الظَّالِمُونَ فِي
غَمَراتِ الْمَوْتِ» و قال علي بن إبراهيم ثم قال أيضا في عمار ثُمَّ إِنَّ
رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُوا
إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ.
و قَوْلُهُ: وَ ضَرَبَ
اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً- يَأْتِيها رِزْقُها
رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ- فَأَذاقَهَا اللَّهُ
لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ قَالَ نَزَلَتْ فِي
قَوْمٍ كَانُ لَهُمْ نَهَرٌ يُقَالُ لَهُ الثلثان [الثَّرْثَارُ] وَ كَانَتْ
بِلَادُهُمْ خِصْبَةً كَثِيرَةَ الْخَيْرِ- فَكَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْعَجِينِ
وَ يَقُولُونَ هُوَ أَلْيَنُ لَنَا، فَكَفَرُوا بِأَنْعُمِ اللَّهِ وَ اسْتَنْجُوا
[وَ اسْتَخَفُّوا] بِنِعْمَةِ اللَّهِ- فَحَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمُ الثلثان
فَجَدُبُوا حَتَّى أَحْوَجَهُمُ اللَّهُ- إِلَى أَكْلِ مَا كَانُوا يَسْتَنْجُونَ
بِهِ- حَتَّى كَانُوا يَتَقَاسَمُونَ عَلَيْهِ ثم قال عز و جل وَ لا
تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ- هذا حَلالٌ وَ هذا حَرامٌ-
لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ قال هو ما كانت اليهود يقولون ما فِي
بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ- خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا و قوله إِنَّ
إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً أي طاهرا اجْتَباهُ أي اختاره وَ هَداهُ
إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ قال إلى الطريق الواضح ثم قال لنبيه ص ثُمَّ
أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً و هي الحنفية
العشر التي جاء بها إبراهيم ع خمسة في البدن و خمسة في الرأس- فأما التي في البدن:
فالغسل من الجنابة، و الطهور بالماء و تقليم الأظفار و حلق الشعر من البدن، و
الختان، و أما التي في الرأس: فطم الشعر، و أخذ الشارب، و إعفاء اللحى، و السواك،
و الخلال، فهذه لم تنسخ إلى يوم القيامة