الآية محكمة- و قوله «أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ
أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها- فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً» أي مرتفعا «وَ مِمَّا
يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ» يعني ما يخرج من الماء
من الجواهر و هو مثل- أي يثبت الحق في قلوب المؤمنين و في قلوب الكفار لا يثبت «كَذلِكَ
يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَ الْباطِلَ- فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً» يعني بطل «وَ أَمَّا ما
يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ» و هذا مثل للمؤمنين و
المشركين فقال عز و جل كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ- لِلَّذِينَ
اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى- وَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ- لَوْ
أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً- وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ-
أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ- وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ فالمؤمن إذا
سمع الحديث- ثبت في قلبه و أجابه و آمن به- فهو مثل الماء الذي يبقى في الأرض-
فينبت النبات و الذي لا ينتفع به- يكون مثل الزبد الذي تضربه الرياح فيبطل- و قوله
«وَ
بِئْسَ الْمِهادُ» قال يمهدون في النار ثم قال أَ فَمَنْ يَعْلَمُ
أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ- كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما
يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ أي أولو العقول و قوله الَّذِينَ يُوفُونَ
بِعَهْدِ اللَّهِ- وَ لا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ- وَ الَّذِينَ يَصِلُونَ ما
أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَ يَخافُونَ سُوءَ
الْحِسابِ
و نزلت هذه الآية في آل
محمد و ما عاهدهم عليه- و ما أخذ عليهم من الميثاق في الذر- من ولاية أمير
المؤمنين ع و الأئمة ع بعده- و هو قوله «الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ-
وَ لا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ الآية» ثم ذكر أعداءهم فقال الَّذِينَ
يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ يعني أمير المؤمنين ع و
هو الذي أخذ الله عليهم في الذر- و أخذ عليهم رسول الله ص بغدير خم ثم قال أُولئِكَ
لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ و قوله وَ يَخافُونَ
سُوءَ الْحِسابِ