أَيْ يُمْطَرُونَ
، وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ- فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ قَالَ وَيْحَكَ أَيَّ شَيْءٍ يَعْصِرُونَ- أَ يَعْصِرُونَ الْخَمْرَ قَالَ الرَّجُلُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ أَقْرَؤُهَا قَالَ إِنَّمَا نَزَلَتْ «عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يُعْصَرُونَ»[1] أَيْ يُمْطَرُونَ بَعْدَ سِنِينَ الْمَجَاعَةِ
و الدليل على ذلك قوله «وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً»
فَرَجَعَ الرَّجُلُ إِلَى الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ يُوسُفُ فَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ- قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ يَعْنِي إِلَى الْمَلِكِ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ- إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ فَجَمَعَ الْمَلِكُ النِّسْوَةَ فَقَالَ لَهُنَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ- قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ- قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ- أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ- ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ- وَ أَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ أَيْ لَا أَكْذِبُ عَلَيْهِ الْآنَ- كَمَا كَذَبْتُ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ ثُمَّ قَالَتْ وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ أَيْ تَأْمُرُ بِالسُّوءِ فَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى يُوسُفَ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ سَلْ حَاجَتَكَ قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ- إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ يَعْنِي عَلَى الْكَنَادِيجِ وَ الْأَنَابِيرِ- فَجَعَلَهُ عَلَيْهَا وَ هُوَ قَوْلُهُ وَ كَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ فَأَمَرَ يُوسُفُ أَنْ يَبْنِيَ كَنَادِيجَ[2] مِنْ صَخْرٍ- وَ طَيَّنَهَا بِالْكِلْسِ[3] ثُمَّ أَمَرَ بِزُرُوعِ مِصْرَ فَحُصِدَتْ وَ دَفَعَ إِلَى كُلِّ إِنْسَانٍ حِصَّتَهُ- وَ تَرَكَ الْبَاقِيَ فِي سُنْبُلِهِ لَمْ يَدُسْهُ، فَوَضَعَهَا فِي الْكَنَادِيجِ- فَفَعَلَ ذَلِكَ سَبْعَ سِنِينَ- فَلَمَّا جَاءَ سِنِي الْجَدْبِ- فَكَانَ يَخْرُجُ السُّنْبُلُ فَيَبِيعُ بِمَا شَاءَ، وَ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ أَبِيهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً- وَ كَانُوا فِي بَادِيَةٍ- وَ كَانَ النَّاسُ مِنَ الْآفَاقِ يَخْرُجُونَ إِلَى مِصْرَ لِيَمْتَارُوا طَعَاماً- وَ كَانَ يَعْقُوبُ
[1]. أَيْ مَبْنِيّاً لِلْمَجْهُولِ. وَ أُعْصِرُوا أَيْ أُمْطِرُوا. وَ الْمُعْصَرَاتُ الْحِسَابُ
[2]. جَمْعُ كُنْدُوجٍ كَصُنْدُوقٍ شِبْهُ الْمَخْزَنِ
[3]. الْكِلْسُ بِالْكَسْرِ الصَّارُوجُ( النُّورَةُ)