أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هَلَاكَ قَوْمِ نُوحٍ عَقَّمَ أَرْحَامَ النِّسَاءِ أَرْبَعِينَ سَنَةً- فَلَمْ يُولَدْ فِيهِمْ مَوْلُودٌ- فَلَمَّا فَرَغَ نُوحٌ مِنِ اتِّخَاذِ السَّفِينَةِ- أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُنَادِيَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ- لَا يَبْقَى بَهِيمَةٌ وَ لَا حَيَوَانٌ إِلَّا حَضَرَ، فَأَدْخَلَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْحَيَوَانِ زَوْجَيْنِ فِي السَّفِينَةِ- وَ كَانَ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ مِنْ جَمِيعِ الدُّنْيَا ثَمَانِينَ رَجُلًا- فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ- وَ أَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَ مَنْ آمَنَ- وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ وَ كَانَ نَجَرَ السَّفِينَةَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ [الْمَدِينَةِ] فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ هَلَاكَهُمْ- كَانَتِ امْرَأَةُ نُوحٍ تَخْبِزُ فِي الْمَوْضِعِ- الَّذِي يُعْرَفُ بِفَارَ التَّنُّورُ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَ قَدْ كَانَ نُوحٌ اتَّخَذَ لِكُلِّ ضَرْبٍ مِنْ أَجْنَاسِ الْحَيَوَانِ مَوْضِعاً فِي السَّفِينَةِ- وَ جَمَعَ لَهُمْ فِيهَا مَا يَحْتَاجُونَ مِنَ الْغِذَاءِ، فَصَاحَتِ امْرَأَتُهُ لَمَّا فارَ التَّنُّورُ فَجَاءَ نُوحٌ إِلَى التَّنُّورِ- فَوَضَعَ عَلَيْهَا طِيناً وَ خَتَمَهُ- حَتَّى أَدْخَلَ جَمِيعَ الْحَيَوَانِ السَّفِينَةَ- ثُمَّ جَاءَ إِلَى التَّنُّورِ فَفَضَّ الْخَاتَمَ- وَ رَفَعَ الطِّينَ وَ انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَ جَاءَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءٌ مُنْهَمِرٌ صُبَّ بِلَا قَطْرٍ- وَ تَفَجَّرَتِ الْأَرْضُ عُيُوناً- وَ هُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ «فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ- وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً- فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ- وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ» فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها يَقُولُ مَجْرَيهَا أَيْ مَسِيرُهَا- وَ مُرْسَيهَا أَيْ مَوْقِفُهَا- فَدَارَتِ السَّفِينَةُ- وَ نَظَرَ نُوحٌ إِلَى ابْنِهِ يَقَعُ وَ يَقُومُ فَقَالَ لَهُ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَ لا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ فَقَالَ ابْنُهُ كَمَا حَكَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ نُوحٌ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ- إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ- ثُمَّ قَالَ نُوحٌ:
رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ- وَ أَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ فَقَالَ اللَّهُ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ- إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ- فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ- إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ فَقَالَ نُوحٌ كَمَا حَكَى اللَّهُ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ- أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ- وَ إِلَّا تَغْفِرْ لِي وَ تَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ فَكَانَ كَمَا حَكَى اللَّهُ