مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ- إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ
وَ قَوْلُهُ وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً فَإِنَّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا- أَنَّهُ جَاءَ قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ص أَ تَأْذَنُ لَنَا أَنْ نَبْنِيَ مَسْجِداً فِي بَنِي سَالِمٍ لِلْعَلِيلِ وَ اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَ الشَّيْخِ الْفَانِي- فَأَذِنَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ هُوَ عَلَى الْخُرُوجِ إِلَى تَبُوكَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَتَيْتَنَا فَصَلَّيْتَ فِيهِ- قَالَ ص أَنَا عَلَى جَنَاحِ السَّفَرِ- فَإِذَا وَافَيْتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَتَيْتُهُ فَصَلَّيْتُ فِيهِ- فَلَمَّا أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْ تَبُوكَ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ فِي شَأْنِ الْمَسْجِدِ- وَ أَبِي عَامِرٍ الرَّاهِبِ وَ قَدْ كَانُوا حَلَفُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ص إِنَّهُمْ يَبْنُونَ ذَلِكَ لِلصَّلَاحِ وَ الْحُسْنَى- فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَ كُفْراً وَ تَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ- وَ إِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ يَعْنِي أَبَا عَامِرٍ الرَّاهِبَ كَانَ يَأْتِيهِمْ- فَيَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ ص وَ أَصْحَابَهُ وَ لَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ- لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً- لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ يَعْنِي مَسْجِدَ قُبَا أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ- فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا- وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ قَالَ كَانُوا يَتَطَهَّرُونَ بِالْمَاءِ
و قوله أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٍ خَيْرٌ- أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ- فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ مَسْجِدٌ ضِرَارٌ الَّذِي «أُسِّسَ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ- فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ
» قال علي بن إبراهيم قوله لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ- إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ إلى في موضع حتى تنقطع قلوبهم وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَالِكَ بْنَ الدجشم [دجشم] [دَخْشَمٍ] الْخُزَاعِيَّ وَ عَامِرَ بْنَ عَدِيٍّ أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَلَى أَنْ يَهْدِمُوهُ وَ يُحْرِقُوهُ- فَجَاءَ مَالِكٌ فَقَالَ لِعَامِرٍ انْتَظِرْنِي- حَتَّى أُخْرِجَ نَاراً مِنْ مَنْزِلِي- فَدَخَلَ فَجَاءَ بِنَارٍ وَ أَشْعَلَ فِي سَعَفِ النَّخْلِ- ثُمَّ أَشْعَلَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَتَفَرَّقُوا وَ قَعَدَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى احْتَرَقَتِ الْبَنِيَّةُ- ثُمَّ أَمَرَ بِهَدْمِ حَائِطِهِ.