- وَ قَوْلُهُ وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ فَإِنَّهُ كَانَ سَبَبُ نُزُولِهَا- أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ نُفَيْلٍ كَانَ مُنَافِقاً- وَ كَانَ يَقْعُدُ لِرَسُولِ اللَّهِ ص فَيَسْمَعُ كَلَامَهُ- وَ يَنْقُلُهُ إِلَى الْمُنَافِقِينَ وَ يَنُمُّ عَلَيْهِ، فَنَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَنُمُّ عَلَيْكَ- وَ يَنْقُلُ حَدِيثَكَ إِلَى الْمُنَافِقِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَنْ هُوَ فَقَالَ الرَّجُلُ الْأَسْوَدُ الْكَثِيرُ شَعْرُ الرَّأْسِ- يَنْظُرُ بِعَيْنَيْنِ كَأَنَّهُمَا قِدْرَانِ- وَ يَنْطِقُ بِلِسَانِ شَيْطَانٍ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ ص فَأَخْبَرَهُ- فَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص قَدْ قَبِلْتُ مِنْكَ فَلَا تَقْعُدْ- فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ مُحَمَّداً أُذُنٌ- أَخْبَرَهُ اللَّهُ أَنِّي أَنُمُّ عَلَيْهِ وَ أَنْقُلُ أَخْبَارَهُ- فَقَبِلَ وَ أَخْبَرْتُهُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَبِلَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ «وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ- يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ» أَيْ يُصَدِّقُ اللَّهَ فِيمَا يَقُولُ لَهُ- وَ يُصَدِّقُكَ فِيمَا تَعْتَذِرُ إِلَيْهِ فِي الظَّاهِرِ- وَ لَا يُصَدِّقُكَ فِي الْبَاطِنِ- وَ قَوْلُهُ «وَ يُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ» يَعْنِي الْمُقِرِّينَ بِالْإِيمَانِ مِنْ غَيْرِ اعْتِقَادٍ
و قوله يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ فإنها نزلت في المنافقين الذين كانوا يحلفون للمؤمنين- إنهم منهم لكي يرضى عنهم المؤمنون- فقال الله وَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ- إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ و قوله يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ- تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ- قُلِ اسْتَهْزِؤُا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ
قَالَ كَانَ قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ- لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص إِلَى تَبُوكَ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ- وَ يَقُولُونَ أَ يَرَى مُحَمَّدٌ أَنَّ حَرْبَ الرُّومِ مِثْلُ حَرْبِ غَيْرِهِمْ- لَا يَرْجِعُ مِنْهُمْ أَحَدٌ أَبَداً، فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَا أَخْلَفَهُ- أَنْ يُخْبِرَ اللَّهُ مُحَمَّداً بِمَا كُنَّا فِيهِ وَ بِمَا فِي قُلُوبِنَا- وَ يُنْزِلَ عَلَيْهِ بِهَذَا قُرْآناً يَقْرَؤُهُ النَّاسُ- وَ قَالُوا هَذَا عَلَى حَدِّ الِاسْتِهْزَاءِ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص لِعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ الْحَقِ الْقَوْمَ- فَإِنَّهُمْ قَدِ احْتَرَقُوا فَلَحِقَهُمْ عَمَّارٌ فَقَالَ مَا قُلْتُمْ قَالُوا مَا قُلْنَا شَيْئاً- إِنَّمَا كُنَّا نَقُولُ شَيْئاً عَلَى حَدِّ اللَّعِبِ وَ الْمِزَاحِ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَ نَلْعَبُ- قُلْ أَ بِاللَّهِ وَ آياتِهِ وَ رَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ- لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ- إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً- بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ.
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ «لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ» قَالَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كَانُوا مُؤْمِنِينَ صَادِقِينَ- ارْتَابُوا وَ شَكُّوا