الرَّجُلَ الْوَاحِدَ- وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَاتِلَ
عَشَرَةً مِنَ الْكُفَّارِ، فَإِنْ هَرَبَ مِنْهُمْ فَهُوَ الْفَارُّ مِنَ
الزَّحْفِ[1] وَ
الْمِائَةُ يُقَاتِلُونَ أَلْفاً- ثُمَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ فِيهِمْ ضَعْفاً لَا
يَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآنَ خَفَّفَ
اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً- فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ
مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ
يُقَاتِلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رَجُلَيْنِ مِنَ الْكُفَّارِ فَإِنْ فَرَّ
مِنْهُمَا فَهُوَ الْفَارُّ مِنَ الزَّحْفِ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةٌ مِنَ
الْكُفَّارِ وَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَفَرَّ الْمُسْلِمُ مِنْهُمْ
فَلَيْسَ هُوَ الْفَارَّ مِنَ الزَّحْفِ، و قوله إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَ هاجَرُوا- وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ- وَ الَّذِينَ آوَوْا وَ نَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ فإن الحكم كان
في أول النبوة أن المواريث كانت على الأخوة لا على الولادة، فلما هاجر رسول الله ص
إلى المدينة آخى بين المهاجرين و بين الأنصار فكان إذا مات الرجل يرثه أخوه في
الدين- و يأخذ المال و كان ما ترك له دون ورثته، فلما كان بعد بدر أنزل الله «النَّبِيُّ
أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ- وَ
أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ- فِي كِتابِ اللَّهِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ
مَعْرُوفاً» فنسخت آية الأخوة بقوله «أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى
بِبَعْضٍ»
وَ الَّذِينَ كَفَرُوا
بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يعني هم يوالي بعضهم بعضا- ثم قال إِلَّا
تَفْعَلُوهُ يعني إن لم تفعلوه فوضع حرف مكان حرف تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي
الْأَرْضِ وَ فَسادٌ كَبِيرٌ