إِلَّا وَ قَدْ مَلَأَهَا عَلَيْكُمْ خَيْلًا وَ رَجِلًا، فَبَقُوا حَائِرِينَ ثُمَّ قَالُوا لِإِبْلِيسَ فَمَا الرَّأْيُ فِيهِ يَا شَيْخُ قَالَ مَا فِيهِ إِلَّا رَأْيٌ وَاحِدٌ، قَالُوا وَ مَا هُوَ قَالَ يَجْتَمِعُ مِنْ كُلِّ بَطْنٍ مِنْ بُطُونِ قُرَيْشٍ وَاحِدٌ- وَ يَكُونُ مَعَهُمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ رَجُلٌ، فَيَأْخُذُونَ سِكِّينَةً أَوْ حَدِيدَةً أَوْ سَيْفاً- فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِ فَيَضْرِبُونَهُ كُلُّهُمْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً- حَتَّى يَتَفَرَّقَ دَمُهُ فِي قُرَيْشٍ كُلِّهَا، فَلَا يَسْتَطِيعُ بَنُو هَاشِمٍ أَنْ يَطْلُبُوا بِدَمِهِ- وَ قَدْ شَارَكُوا فِيهِ، فَإِنْ سَأَلُوكُمْ أَنْ تُعْطُوا الدِّيَةَ- فَأَعْطُوهُمْ ثَلَاثَ دِيَاتٍ فَقَالُوا نَعَمْ وَ عَشْرَ دِيَاتٍ، ثُمَّ قَالُوا الرَّأْيُ رَأْيُ الشَّيْخِ النَّجْدِيِّ، فَاجْتَمَعُوا وَ دَخَلَ مَعَهُمْ فِي ذَلِكَ أَبُو لَهَبٍ عَمُّ النَّبِيِّ، وَ نَزَلَ جَبْرَئِيلُ ع عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَخْبَرَهُ أَنَّ قُرَيْشاً قَدِ اجْتَمَعَتْ فِي دَارِ النَّدْوَةِ يُدَبِّرُونَ عَلَيْكَ- وَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ «وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ- أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ- وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ» وَ اجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَيْهِ لَيْلًا فَيَقْتُلُوهُ- وَ خَرَجُوا إِلَى الْمَسْجِدِ يُصَفِّرُونَ وَ يُصَفِّقُونَ- وَ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَ تَصْدِيَةً فَالْمُكَاءُ التَّصْفِيرُ وَ التَّصْدِيَةُ صَفْقُ الْيَدَيْنِ- وَ هَذِهِ الْآيَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى قَوْلِهِ «وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا» وَ قَدْ كُتِبَتْ بَعْدَ آيَاتٍ كَثِيرَةٍ.
فَلَمَّا أَمْسَى رَسُولُ اللَّهِ ص جَاءَتْ قُرَيْشٌ لِيَدْخُلُوا عَلَيْهِ- فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ لَا أَدَعُكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ- فَإِنَّ فِي الدَّارِ صِبْيَاناً وَ نِسَاءً- وَ لَا نَأْمَنُ أَنْ تَقَعَ بِهِمْ يَدٌ خَاطِئَةٌ- فَنَحْرُسُهُ اللَّيْلَةَ، فَإِذَا أَصْبَحْنَا دَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَنَامُوا حَوْلَ حُجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ يُفْرَشَ لَهُ- فَفُرِشَ لَهُ فَقَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ افْدِنِي بِنَفْسِكَ، قَالَ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَمْ عَلَى فِرَاشِي وَ الْتَحِفْ بِبُرْدَتِي فَنَامَ عَلِيٌّ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ الْتَحَفَ بِبُرْدَتِهِ[1] وَ جَاءَ جَبْرَئِيلُ فَأَخَذَ
[1]. أَقُولُ وَ عِنْدَ ذَلِكَ نَزَلَ جَبْرَئِيلُ بِالْآيَةِ: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ( الْبَقَرَةَ 207) وَ قَدْ ذَكَرَ الْقُنْدُوزِيُّ فِي الْيَنَابِيعِ وَ غَيْرِهِ قَضِيَّةَ مُبَاهَاةِ اللَّهِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ مِنْ هَذَا الْإِيثَارِ وَ الْفِدَاءِ الْعَظِيمِ الَّذِي أَظْهَرَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَيْلَةَ الْهِجْرَةِ فَرَاجِعْ. ج. ز