علوا كبيرا- أن يعاقب أحدا على غير فعله و بغير حجة واضحة
عليه- و القرآن كله رد عليهم قال الله تبارك و تعالى «لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً
إِلَّا وُسْعَها- لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ[1]» فقوله عز و جل
لها و عليها هو على الحقيقة لفعلها- و قوله «فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ- وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا
يَرَهُ[2]» و قوله «كُلُّ نَفْسٍ
بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ[3]» و قوله «ذلِكَ بِما
قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ[4]» و قوله «وَ أَمَّا
ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى[5]» و قوله «إِنَّا
هَدَيْناهُ السَّبِيلَ» يعني بينا له طريق الخير و طريق الشر «إِمَّا
شاكِراً وَ إِمَّا كَفُوراً» قوله «وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ قَدْ تَبَيَّنَ
لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ- وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ
فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ- وَ كانُوا مُسْتَبْصِرِينَ- وَ قارُونَ وَ
فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا
فِي الْأَرْضِ وَ ما كانُوا سابِقِينَ- فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ لم يقل لفعلنا فَمِنْهُمْ
مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً- وَ مِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ- وَ
مِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَ مِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا- وَ ما كانَ اللَّهُ
لِيَظْلِمَهُمْ وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[6]» و مثله كثير
نذكره- و نذكر ما احتجت به المجبرة من القرآن الذي لم يعرفوا معناه و تفسيره في
مواضعه إن شاء الله.
و أما الرد على المعتزلة
فإن الرد من القرآن عليهم كثير- و ذلك أن المعتزلة قالوا نحن نخلق أفعالنا- و ليس
لله فيها صنع و لا مشية و لا إرادة- و يكون ما شاء إبليس و لا يكون ما شاء الله- و
احتجوا أنهم خالقون لقول الله عز و جل فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ
الْخالِقِينَ فقالوا في الخلق خالقون غير الله- فلم يعرفوا معنى الخلق و
على كم