فَأَمَّا اللِّبَاسُ فَالثِّيَابُ الَّتِي يَلْبَسُونَ، وَ أَمَّا الرِّيَاشُ فَالْمَتَاعُ وَ الْمَالُ، وَ أَمَّا لِبَاسُ التَّقْوَى فَالْعَفَافُ- لِأَنَّ الْعَفِيفَ لَا تَبْدُو لَهُ عَوْرَةٌ- وَ إِنْ كَانَ عَارِياً مِنَ الثِّيَابِ، وَ الْفَاجِرَ بَادِي الْعَوْرَةِ وَ إِنْ كَانَ كَاسِياً مِنَ الثِّيَابِ، يَقُولُ وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ يَقُولُ الْعَفَافُ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
و قوله يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ فإنه محكم، و أما قوله وَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا- وَ اللَّهُ أَمَرَنا بِها قال الذين عبدوا الأصنام، فرد الله عليهم فقال قُلْ لهم إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ- أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ- قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ أي بالعدل وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ- وَ ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ- كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ أي في القيامة فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ يعني العذاب وجب عليهم،
وَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع فِي قَوْلِهِ «كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ- فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ» قَالَ خَلَقَهُمْ حِينَ خَلَقَهُمْ مُؤْمِناً وَ كَافِراً- وَ شَقِيّاً وَ سَعِيداً- وَ كَذَلِكَ يَعُودُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُهْتَدِياً وَ ضَالًّا يَقُولُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ- وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ وَ هُمُ الْقَدَرِيَّةُ[1] الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ- وَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَى الْهُدَى وَ الضَّلَالَةِ
[1]. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: الْقَدَرِيَّةُ وَ هُمُ الْمَنْسُوبُونَ إِلَى الْقَدَرِ يَزْعُمُونَ أَنَّ كُلَّ عَبْدٍ خَالِقُ فِعْلِهِ وَ لَا يَرَوْنَ الْمَعَاصِيَ وَ الْكُفْرَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ وَ مَشِيَّتِهِ وَ فِي الْحَدِيثِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَدَرِيٌّ وَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَا يَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ وَ يَكُونُ مَا شَاءَ إِبْلِيسُ، وَ يُسَمَّوْنَ« بِالْمُفَوِّضَةِ» أَيْضاً لِزَعْمِهِمْ أَنَّ اللَّهَ فَوَّضَ إِلَيْهِمْ أَفْعَالَهُمْ.
وَ بِإِزَاءِ هَذِهِ الْفِرْقَةِ« الْمُجَبِّرَةِ» وَ هُمُ الَّذِينَ قَالُوا لَيْسَ لَنَا صُنْعٌ وَ نَحْنُ مَجْبُورُونَ يُحْدِثُ اللَّهُ لَنَا الْفِعْلَ عِنْدَ الْفِعْلِ وَ إِنَّمَا الْأَفْعَالُ مَنْسُوبَةٌ إِلَى النَّاسِ مَجَازاً وَ يُسَمَّوْنَ« بِالْمُرْجِئَةِ» أَيْضاً فَذَاكَ إِفْرَاطٌ وَ هَذَا تَفْرِيطٌ وَ الْحَقُّ الْوَسَطُ مَا ذَهَبَتْ إِلَيْهِ الْإِمَامِيَّةُ وَ هُوَ مَا أَفَادَهُ الْإِمَامُ الصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا جَبْرَ وَ لَا تَفْوِيضَ وَ لَكِنْ أَمْرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ سُئِلَ مَا الْأَمْرُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ قَالَ مَثَلُ ذَلِكَ رَجُلٌ رَأَيْتَهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ فَنَهَيْتَهُ فَلَمْ يَنْتَهِ فَتَرَكْتَهُ، فَفَعَلَ تِلْكَ الْمَعْصِيَةَ، فَلَيْسَ حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْ مِنْكَ فَتَرَكْتَهُ أَنْتَ الَّذِي أَمَرْتَهُ بِالْمَعْصِيَةِ.
وَ قَالَ الْبَصْرِيُّ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: النَّاسُ مَجْبُورُونَ قَالَ لَوْ كَانُوا مَجْبُورِينَ لَكَانُوا مَعْذُورِينَ، قَالَ فَفُوِّضَ إِلَيْهِمْ قَالَ لَا، قَالَ فَمَا هُمْ فَقَالَ عَلِمَ مِنْهُمْ فِعْلًا فَأَوْجَدَ فِيهِمْ آلَةَ الْفِعْلِ، فَإِذَا فَعَلُوا كَانُوا مَعَ الْفِعْلِ مُسْتَطِيعِينَ( مجمع البحرين مادة طوع). ج. ز