عَلَّمَ النَّاسَ مَنَاسِكَهُمْ- وَ أَوْعَزَ إِلَيْهِمْ وَصِيَّتَهُ- إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ- وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ- وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ- ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ هَلْ تَعْلَمُونَ مَنْ وَلِيُّكُمْ فَقَالُوا نَعَمْ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ، ثُمَّ قَالَ أَ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ قَالُوا بَلَى، قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَأَعَادَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ثَلَاثاً- كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ- وَ يَقُولُ النَّاسُ كَذَلِكَ وَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اشْهَدْ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَرَفَعَهَا حَتَّى بَدَا لِلنَّاسِ بَيَاضُ إِبْطَيْهِمَا ثُمَّ قَالَ «أَلَا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَهَذَا عَلِيٌّ مَوْلَاهُ- اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَ عَادِ مَنْ عَادَاهُ- وَ انْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَ اخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ- وَ أَحِبَّ مَنْ أَحَبَّهُ- ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ- اللَّهُمَّ اشْهَدْ عَلَيْهِمْ وَ أَنَا مِنَ الشَّاهِدِينَ» فَاسْتَفْهَمَهُ عُمَرُ فَقَامَ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ رَسُولِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص نَعَمْ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِمَامُ الْمُتَّقِينَ وَ قَائِدُ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ، يُقْعِدُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الصِّرَاطِ فَيُدْخِلُ أَوْلِيَاءَهُ الْجَنَّةَ وَ أَعْدَاءَهُ النَّارَ،
فَقَالَ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ ارْتَدُّوا بَعْدَهُ- قَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ مَا قَالَ- وَ قَالَ هَاهُنَا مَا قَالَ- وَ إِنْ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ يَأْخُذُنَا بِالْبَيْعَةِ لَهُ فَاجْتَمَعُوا أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَفَراً- وَ تَآمَرُوا عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ قَعَدُوا فِي الْعَقَبَةِ، وَ هِيَ عَقَبَةُ هَرْشَى [أَرْشَى] بَيْنَ الْجُحْفَةِ وَ الْأَبْوَاءِ، فَقَعَدُوا سَبْعَةٌ عَنْ يَمِينِ الْعَقَبَةِ وَ سَبْعَةٌ عَنْ يَسَارِهَا لِيَنْفِرُوا نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ- تَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ الْعَسْكَرَ- فَأَقْبَلَ يَنْعُسُ عَلَى نَاقَتِهِ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْعَقَبَةِ نَادَاهُ جَبْرَئِيلُ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ فُلَاناً وَ فُلَاناً [وَ فُلَاناً] قَدْ قَعَدُوا لَكَ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَقَالَ مَنْ هَذَا خَلْفِي- فَقَالَ حُذَيْفَةُ الْيَمَانِيُّ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، قَالَ سَمِعْتَ مَا سَمِعْتُ قَالَ بَلَى قَالَ فَاكْتُمْ، ثُمَّ دَنَا رَسُولُ اللَّهِ ص مِنْهُمْ فَنَادَاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ، فَلَمَّا سَمِعُوا نِدَاءَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَرُّوا وَ دَخَلُوا فِي غُمَارِ النَّاسِ- وَ قَدْ كَانُوا عَقَلُوا