يُنَادِي- يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الْأَنْصَارِ مَنْ كَانَتْ بِهِ جِرَاحَةٌ فَلْيَخْرُجْ وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جِرَاحَةٌ فَلْيُقِمْ، فَأَقْبَلُوا يَضْمِدُونَ جِرَاحَاتِهِمْ وَ يُدَاوُونَهَا- فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ «وَ لا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ- فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ» وَ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ وَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ قَالَ عَزَّ وَ جَلَ إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ- وَ تِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ- وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ فَخَرَجُوا عَلَى مَا بِهِمْ مِنَ الْأَلَمِ وَ الْجِرَاحِ- فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولُ اللَّهِ ص بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ وَ قُرَيْشٌ قَدْ نَزَلَتِ الرَّوْحَاءَ قَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ وَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَ عَمْرُو بْنُ عَاصٍ وَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ نَرْجِعُ فَنُغِيرُ عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَدْ قَتَلْنَا سَرَاتَهُمْ وَ كَبْشَهُمْ يَعْنِي حَمْزَةَ فَوَافَاهُمْ رَجُلٌ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ فَسَأَلُوهُ الْخَبَرَ- فَقَالَ تَرَكْتُ مُحَمَّداً وَ أَصْحَابَهُ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ يَطْلُبُونَكُمْ جِدَّ الطَّلَبِ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ هَذَا النَّكَدُ وَ الْبَغْيُ- قَدْ ظَفِرْنَا بِالْقَوْمِ وَ بَغَيْنَا- وَ اللَّهِ مَا أَفْلَحَ قَوْمٌ قَطُّ بَغَوْا، فَوَافَاهُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيُّ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ الْمَدِينَةَ لِأَمْتَارَ لِأَهْلِي طَعَاماً، قَالَ هَلْ لَكَ أَنْ تَمُرَّ بِحَمْرَاءِ الْأَسَدِ وَ تَلْقَى أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ وَ تُعْلِمَهُمْ أَنَّ خُلَفَاءَنَا وَ مَوَالِيَنَا- قَدْ وَافَوْنَا مِنَ الْأَحَابِيشِ[1] حَتَّى يَرْجِعُوا عَنَّا وَ لَكَ عِنْدِي عَشَرَةُ قَلَائِصَ[2] أَمْلَؤُهَا تَمْراً وَ زَبِيباً قَالَ نَعَمْ، فَوَافَى مِنْ غَدِ ذَلِكَ الْيَوْمِ حَمْرَاءَ الْأَسَدِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ص أَيْنَ تُرِيدُونَ قَالُوا قُرَيْشَ، قَالَ ارْجِعُوا- فَإِنَّ قُرَيْشاً قَدْ أَجْنَحَتْ إِلَيْهِمْ خُلَفَاؤُهُمْ- وَ مَنْ كَانَ تَخَلَّفَ عَنْهُمْ- وَ مَا أَظُنُّ إِلَّا وَ أَوَائِلُ الْقَوْمِ قَدْ طَلَعُوا عَلَيْكُمُ السَّاعَةَ، فَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ وَ نَزَلَ جَبْرَئِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ ارْجِعْ يَا مُحَمَّدُ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَرْهَبَ قُرَيْشاً، وَ مَرُّوا
[1]. الْأَحَابِيشُ جَمْعُ أُحْبُوشَةٍ كَأُحْدُوثَةٍ وَ هِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ لَيْسُوا مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ.
[2]. جَمْعُ قَلُوصٍ كَمَجُوسٍ وَ هِيَ الْإِبِلُ ج- ز