شَهِيدٌ، مَا رَجُلٌ لَمْ يُصَلِّ لِلَّهِ رَكْعَةً دَخَلَ الْجَنَّةَ غَيْرُهُ.
وَ كَانَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي عَامِرٍ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، قَدْ تَزَوَّجَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ- الَّتِي كَانَ فِي صَبِيحَتِهَا حَرْبُ أُحُدٍ، بِنْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلُولٍ وَ دَخَلَ بِهَا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ ص أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا- فَأَنْزَلَ اللَّهُ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ- لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ- إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ- أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ» فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص، فَهَذِهِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ النُّورِ وَ أَخْبَارُ أُحُدٍ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّأْلِيفَ عَلَى خِلَافِ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ، فَدَخَلَ حَنْظَلَةُ بِأَهْلِهِ وَ وَاقَعَ عَلَيْهَا- فَأَصْبَحَ وَ خَرَجَ وَ هُوَ جُنُبٌ، فَحَضَرَ الْقِتَالَ- فبعث [فَبَعَثَتِ] امْرَأَتُهُ إِلَى أَرْبَعَةِ نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لَمَّا أَرَادَ حَنْظَلَةُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ عِنْدِهَا- وَ أَشْهَدَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ وَاقَعَهَا- فَقِيلَ لَهَا لِمَ فَعَلْتِ ذَلِكِ قَالَتْ رَأَيْتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فِي نَوْمِي- كَأَنَّ السَّمَاءَ قَدِ انْفَرَجَتْ- فَوَقَعَ فِيهَا حَنْظَلَةُ ثُمَّ انظمت [انْضَمَّتْ]، فَعَلِمْتُ أَنَّهَا الشَّهَادَةُ- فَكَرِهْتُ أَنْ لَا أُشْهِدَ عَلَيْهِ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ.
فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالَ نَظَرَ حَنْظَلَةُ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ عَلَى فَرَسٍ- يَجُولُ بَيْنَ الْعَسْكَرَيْنِ فَحَمَلَ عَلَيْهِ فَضَرَبَ عُرْقُوبَ فَرَسِهِ[1] فَاكْتَسَعَتِ الْفَرَسُ وَ سَقَطَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى الْأَرْضِ وَ صَاحَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَنَا أَبُو سُفْيَانَ وَ هَذَا حَنْظَلَةُ يُرِيدُ قَتْلِي- وَ عَدَا أَبُو سُفْيَانَ وَ مَرَّ حَنْظَلَةُ فِي طَلَبِهِ- فَعَرَضَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَطَعَنَهُ- فَمَشَى إِلَى الْمُشْرِكِ فِي طَعْنِهِ فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، وَ سَقَطَ حَنْظَلَةُ إِلَى الْأَرْضِ بَيْنَ حَمْزَةَ وَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ وَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حِزَامٍ وَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ يُغَسِّلُونَ حَنْظَلَةَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ- بِمَاءِ الْمُزْنِ فِي صَحَائِفَ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَانَ يُسَمَّى غَسِيلَ الْمَلَائِكَةِ.
وَ رُوِيَ أَنَّ مُغِيرَةَ بْنَ الْعَاصِ كَانَ رَجُلًا أَعْسَرَ- فَحَمَلَ فِي طَرِيقِهِ إِلَى أُحُدٍ ثَلَاثَةَ
[1]. الْعُرْقُوبُ بِالضَّمِّ عِرْقٌ غَلِيظٌ فَوْقَ عَقِبِ الْإِنْسَانِ وَ مِنَ الدَّابَّةِ فِي رِجْلِهَا كَالرُّكْبَةِ فِي يَدِهَا.