أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ص هَزِيمَةً قَبِيحَةً- وَ أَقْبَلُوا يَصْعَدُونَ فِي الْجِبَالِ وَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ ص الْهَزِيمَةَ كَشَفَ الْبَيْضَةَ عَنْ رَأْسِهِ وَ قَالَ: «إِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى أَيْنَ تَفِرُّونَ عَنِ اللَّهِ وَ عَنْ رَسُولِهِ».
وَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لَمَّا بَارَزَهُ عَلِيٌّ ع يَا قَضِيمُ، قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ص كَانَ بِمَكَّةَ لَمْ يَجْسُرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ لِمَوْضِعِ أَبِي طَالِبٍ وَ أَغْرَوْا بِهِ الصِّبْيَانَ- وَ كَانُوا إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَرْمُونَهُ بِالْحِجَارَةِ وَ التُّرَابِ- فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى عَلِيٍّ ع فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا خَرَجْتَ فَأَخْرِجْنِي مَعَكَ- فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ص وَ مَعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَتَعَرَّضَ الصِّبْيَانُ لِرَسُولِ اللَّهِ ص كَعَادَتِهِمْ- فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع وَ كَانَ يَقْضِمُهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ وَ آنَافِهِمْ وَ آذَانِهِمْ- فَكَانُوا يَرْجِعُونَ بَاكِينَ إِلَى آبَائِهِمْ- وَ يَقُولُونَ قَضَمَنَا عَلِيٌّ قَضَمَنَا عَلِيٌّ فَسُمِّيَ لِذَلِكَ «الْقَضِيمَ».
وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي وَاثِلَةَ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ كُنْتُ أُمَاشِي فُلَاناً إِذْ سَمِعْتُ مِنْهُ هَمْهَمَةً، فَقُلْتُ لَهُ مَهْ، مَا ذَا يَا فُلَانُ قَالَ وَيْحَكَ أَ مَا تَرَى الْهِزْبَرَ[1] الْقَضِمَ بْنَ الْقَضِمِ، وَ الضَّارِبَ بِالْبُهَمِ، الشَّدِيدَ عَلَى مَنْ طَغَى وَ بَغَى، بِالسَّيْفَيْنِ وَ الرَّايَةِ، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقُلْتُ لَهُ يَا هَذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ ادْنُ مِنِّي أُحَدِّثْكَ عَنْ شَجَاعَتِهِ وَ بُطُولَتِهِ، بَايَعْنَا النَّبِيَّ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ وَ مَنْ فَرَّ مِنَّا فَهُوَ ضَالٌّ- وَ مَنْ قُتِلَ مِنَّا فَهُوَ شَهِيدٌ وَ النَّبِيُّ زَعِيمُهُ، إِذْ حَمَلَ عَلَيْنَا مِائَةُ صِنْدِيدٍ- تَحْتَ كُلِّ صِنْدِيدٍ مِائَةُ رَجُلٍ أَوْ يَزِيدُونَ- فَأَزْعَجُونَا عَنْ طَحُونَتِنَا[2]
[1]. الْهِزْبَرُ كَمِنْبَرٍ: الْأَسَدُ، الْقَضِمُ كَلَقِنٍ: السَّيْفُ الْمُتَكَسِّرُ الْحَدِّ وَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ إِلَّا مَعَ كَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْحُرُوبِ، الْبُهَمُ كَصُرَدٍ: الشُّجَاعُ الْمُسْتَبْهِمُ عَلَى أَقْرَانِهِ
[2]. الطَّحُونُ وَ الطَّحَّانَةُ الْكَتِيبَةُ الْعَظِيمَةُ. ج- ز