و أما قوله إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ إلى قوله فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ
فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنِ ابْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع أَنَّ نَصَارَى نَجْرَانَ لَمَّا وَفَدُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ كَانَ سَيِّدُهُمْ الْأَهْتَمَ وَ الْعَاقِبَ وَ السَّيِّدَ وَ حَضَرَتْ صَلَاتُهُمْ فَأَقْبَلُوا يَضْرِبُونَ بِالنَّاقُوسِ وَ صَلَّوْا، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ص هَذَا فِي مَسْجِدِكَ- فَقَالَ دَعُوهُمْ فَلَمَّا فَرَغُوا دَنَوْا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالُوا إِلَى مَا تَدْعُونَ، فَقَالَ إِلَى شَهَادَةِ «أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ- وَ أَنَّ عِيسَى عَبْدٌ مَخْلُوقٌ يَأْكُلُ وَ يَشْرَبُ وَ يُحْدِثُ» قَالُوا فَمَنْ أَبُوهُ فَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص فَقَالَ قُلْ لَهُمْ مَا تَقُولُونَ فِي آدَمَ ع أَ كَانَ عَبْداً مَخْلُوقاً يَأْكُلُ وَ يَشْرَبُ وَ يَنْكِحُ- فَسَأَلَهُمُ النَّبِيُّ ص فَقَالُوا نَعَمْ، فَقَالَ فَمَنْ أَبُوهُ فَبُهِتُوا فَبَقُوا سَاكِتِينَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْآيَةَ وَ أَمَّا قَوْلُهُ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَى قَوْلِهِ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فَبَاهِلُونِي فَإِنْ كُنْتُ صَادِقاً أُنْزِلَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْكُمْ- وَ إِنْ كُنْتُ كَاذِباً نَزَلَتْ عَلَيَّ، فَقَالُوا أَنْصَفْتَ فَتَوَاعَدُوا لِلْمُبَاهَلَةِ، فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ- قَالَ رُؤَسَاؤُهُمْ السَّيِّدُ وَ الْعَاقِبُ وَ الْأَهْتَمُ إِنْ بَاهَلَنَا بِقَوْمِهِ بَاهَلْنَاهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَبِيٍّ- وَ إِنْ بَاهَلَنَا بِأَهْلِ بَيْتِهِ خَاصَّةً فَلَا نُبَاهِلُهُ- فَإِنَّهُ لَا يُقْدِمُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَّا وَ هُوَ صَادِقٌ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَعَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ فَاطِمَةُ وَ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ص، فَقَالَ النَّصَارَى مَنْ هَؤُلَاءِ- فَقِيلَ لَهُمْ هَذَا ابْنُ عَمِّهِ وَ وَصِيُّهُ- وَ خَتَنُهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ هَذِهِ بِنْتُهُ فَاطِمَةُ وَ هَذَانِ ابْنَاهُ الْحَسَنُ وَ الْحُسَيْنُ ع، فَعَرَفُوا وَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ ص نُعْطِيكَ الرِّضَى فَاعْفُنَا مِنَ الْمُبَاهَلَةِ، فَصَالَحَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ص عَلَى الْجِزْيَةِ وَ انْصَرَفُوا.