رِسالَتَهُ- وَ اللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» فبينا نحن
كذلك إذ سمعنا رسول الله ص و هو ينادي: أيها الناس أجيبوا داعي الله أنا رسول الله
فأتيناه مسرعين في شدة الحر، فإذا هو واضع بعض ثوبه على رأسه- و بعضه على قدميه من
الحر- و أمر بقم ما تحت الدوح[1] فقم ما
كان ثمة من الشوك و الحجارة، فقال رجل: ما دعاه إلى قم هذا المكان- و هو يريد أن
يرحل من ساعته ليأتينكم اليوم بداهية، فلما فرغوا من القم أمر رسول الله ص أن يؤتى
بأحلاس دوابنا و أثاث إبلنا و حقائبها[2]
فوضعنا بعضها على بعض، ثم ألقينا عليها ثوبا- ثم صعد عليها رسول الله ص فحمد الله
و أثنى عليه- ثم قال:
أيها الناس إنه نزل
علي عشية عرفة أمر ضقت به ذرعا[3] مخافة
تكذيب أهل الإفك- حتى جاءني في هذا الموضع وعيد من ربي- إن لم أفعل، إلا و إني غير
هائب لقوم و لا محاب لقرابتي[4] أيها
الناس من أولى بكم من أنفسكم قالوا: الله و رسوله قال: اللهم اشهد و أنت يا جبرئيل
فاشهد حتى قالها ثلاثا- ثم أخذ بيد علي ابن أبي طالب ع فرفعه إليه، ثم قال: اللهم
من كنت مولاه فعلي مولاه- اللهم وال من والاه و عاد من عاداه- و انصر من نصره و
اخذل من خذله قالها ثلاثا ثم قال: هل سمعتم فقالوا: اللهم- بلى قال: فأقررتم قالوا
اللهم نعم: ثم قال: اللهم اشهد و أنت يا جبرئيل فاشهد، ثم نزل فانصرفنا إلى
رحالنا.
و كان إلى جانب خبائي
خباء نفر من قريش و هم ثلاثة، و معي حذيفة بن اليمان فسمعنا أحد الثلاثة و هو:
يقول- و الله إن محمدا لأحمق- إن كان يرى أن الأمر
[1]- قم البيت: كنسه. و الدوح جمع الدوحة: الشجرة
العظيمة.
[2]- الأحلاس جمع الحلس- بكسر الحاء و فتحها: كل
شيء ولي ظهر البعير و الدابة تحت الرحل و القتب و السرج. و الحقائب جمع الحقيبة:
خريطة يعلقها المسافر في الرحل للزاد و نحوه.