ثم يحدث حدثا فإذا هو فعل ذلك، قالت: قريش اخرجوا بنا إلى هذه
الطاغية، فو الله أن لو كان محمديا ما فعل، و لو كان علويا ما فعل، و لو كان
فاطميا ما فعل، فيمنحه الله أكتافهم، فيقتل المقاتلة و يسبي الذرية، ثم ينطلق حتى
ينزل الشقرة[1] فيبلغه
أنهم قد قتلوا عامله- فيرجع إليهم فيقتلهم مقتله- ليس قتل الحرة[2] إليها بشيء، ثم ينطلق
يدعو الناس إلى كتاب الله و سنة نبيه و الولاية لعلي بن أبي طالب ع و البراءة من
عدوه، حتى إذا بلغ إلى الثعلبية[3] قام إليه
رجل من صلب أبيه- و هو من أشد الناس ببدنه و أشجعهم بقلبه، ما خلا صاحب هذا الأمر،
فيقول: يا هذا ما تصنع فو الله إنك لتجفل الناس إجفال النعم[4] أ فبعهد من رسول الله ص
أم بما ذا فيقول المولى الذي
[2]- الحرة- بفتح الحاء و الراء المهملتين-: أرض
ذات حجارة نخرة سود كأنها أحرقت بالنار و هي قريبة من حرة ليلى- قرب المدينة- و
وقعة الحرة المشهورة كانت في أيام يزيد بن معاوية سنة 63. و سبب ذلك أن أهل
المدينة اجتمعوا بعد قتل الحسين( ع) عند عبد اللَّه بن حنظلة بن عامر و بايعوه
بالإمارة و أخرجوا عامل يزيد من المدينة و أظهروا خلع يزيد من الخلافة فلما سمع
بذلك يزيد بعث إليهم مسلم بن عقبة المري في اثنا عشر ألفا من أهلالشام و سموه
لقبيح صنيعه مسرفاً فنزل حرة( المسماة بحرة واقم و هي الحرة الشرقية من حرتي
المدينة) و خرج إليه أهل المدينة يحاربونه فكسرهم و قتل من الموالي ثلاثة آلاف و
خمسمائة رجل و من الأنصار ألفاً و أربعمائة، و قيل ألفاً و سبعمائة، و من قريش
ألفاً و ثلاثمائة و دخل جنده المدينة فنهبوا الأموال و سبوا الذرية و استباح
الفروج و حملت منهم ثمانمائة حرة و ولدن، و كان يقال لأولئك الأولاد أولاد الحرة،
ثم أحضر الأعيان لمبايعة يزيد بن معاوية فلم يرض إلا أن يبايعوه على أنهم عبيد
يزيد بن معاوية فمن تلكأ أمر بضرب عنقه و كيف كان قصة الحرة طويلة و كانت بعد قتل
الحسين( ع) من أشنع شيء جرى في أيام يزيد بن معاوية لعنه اللَّه تعالى.
[3]- من منازل طريق مكة من الكوفة و في وجه تسمية
الموضع خلاف ذكره الحموي في المعجم فراجع.
[4]- جفل الطير عن المكان: طردها، و أجفلت الريح
التراب: أي أذهبته و طيرته.