و كان أمرا قد قضاه في علمه- كما قضى على الأمم من قبلكم، و
هي السنن و الأمثال يجري على الناس، فجرت علينا كما جرت على الذين من قبلنا، و قول
الله حق، قال الله تبارك و تعالى لمحمد ص: «سُنَّةَ مَنْ قَدْ
أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا- وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا» و قال: «فَهَلْ
يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ- فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ
تَبْدِيلًا وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا» و قال «فَهَلْ
يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ- قُلْ
فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ» و قال: «لا تَبْدِيلَ
لِخَلْقِ اللَّهِ».
و قد قضى الله على
موسى و هو مع قومه- يريهم الآيات و النذر ثم مروا على قوم يعبدون أصناما «قالُوا يا
مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ- قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ
تَجْهَلُونَ» فاستخلف موسى هارون فنصبوا عِجْلًا جَسَداً لَهُ
خُوارٌ- فَقالُوا: هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى و تركوا هارون فقال «يا قَوْمِ
إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ- وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَ
أَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ
إِلَيْنا مُوسى» فضرب لكم أمثالهم و بين لكم كيف صنع بهم.
و قال: إن نبي الله ص
لم يقبض- حتى أعلم الناس أمر علي فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، و قال: إنه مني
بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي، و كان صاحب راية رسول الله ص في
المواطن كلها، و كان معه في المسجد يدخله على كل حال، و كان أول الناس إيمانا،
فلما قبض نبي الله ص كان الذي كان لما قد قضى من الاختلاف- و عمد عمر فبايع أبا
بكر و لم يدفن رسول الله ص بعد، فلما رأى ذلك علي ع و رأى الناس- قد بايعوا أبا
بكر خشي أن يفتتن الناس- ففرغ إلى كتاب الله و أخذ بجمعه في مصحف فأرسل أبو بكر
إليه أن تعال فبايع- فقال علي: لا أخرج حتى أجمع القرآن، فأرسل إليه مرة أخرى-
فقال: لا أخرج حتى أفرغ- فأرسل إليه الثالثة ابن عم له[1] يقال قنفذ، فقامت فاطمة
بنت رسول الله ص عليها- تحول بينه و بين علي ع
[1]- كذا في المخطوطتين و في البحار و البرهان«
فأرسل إليه الثالثة عمر رجلا يقال له اه».