44- عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي جعفر ع قال: سمعته يقول وجدنا في بعض
كتب أمير المؤمنين ع قال: حدثني رسول الله ص أن جبرئيل ع حدثه أن يونس بن متى ع
بعثه الله إلى قومه- و هو ابن ثلاثين سنة، و كان رجلا يعتريه الحدة[1] و كان
قليل الصبر على قومه و المداراة لهم، عاجزا عما حمل من ثقل حمل- أوقار النبوة و
أعلامها- و أنه تفسخ تحتها- كما يتفسخ الجذع تحت حمله[2] و أنه أقام فيهم- يدعوهم
إلى الإيمان بالله و التصديق به- و اتباعه ثلاثا و ثلاثين سنة، فلم يؤمن به و لم
يتبعه من قومه- إلا رجلان، اسم أحدهما روبيل و اسم الآخر تنوخا و كان روبيل من أهل
بيت العلم و النبوة و الحكمة- و كان قديم الصحبة ليونس بن متى من قبل أن يبعثه
الله بالنبوة، و كان تنوخا رجلا مستضعفا عابدا زاهدا- منهمكا في العبادة[3] و ليس له
علم و لا حكم- و كان روبيل صاحب غنم يرعاها و يتقوت منها، و كان تنوخا رجلا حطابا
يحتطب على رأسه- و يأكل من كسبه، و كان لروبيل منزلة من يونس غير منزلة تنوخا لعلم
روبيل و حكمته و قديم صحبته- فلما رأى يونس أن قومه لا يجيبونه و لا يؤمنون- ضجر و
عرف من نفسه قلة الصبر- فشكا ذلك إلى ربه و كان فيما يشكى- أن قال: يا رب إنك
بعثتني إلى قومي و لي ثلاثون سنة، فلبثت فيهم أدعوهم إلى الإيمان بك- و التصديق
برسالاتي و أخوفهم عذابك و نقمتك ثلاثا و ثلاثين سنة، فكذبوني و لم يؤمنوا بي، و
جحدوا نبوتي، و استخفوا برسالاتي و قد تواعدوني و خفت أن يقتلوني- فأنزل عليهم
عذابك فإنهم قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ قال: فأوحى الله إلى
يونس أن فيهم الحمل و الجنين و الطفل- و الشيخ الكبير و المرأة الضعيفة- و
المستضعف المهين، و أنا الحكم العدل، سبقت رحمتي غضبي- لا أعذب الصغار بذنوب
الكبار من قومك، و هم يا يونس عبادي و خلقي- و بريتي في بلادي و في عيلتي- أحب أن
أتأناهم[4] و أرفق
بهم- و أنتظر توبتهم، و إنما بعثتك