«يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ- وَ أُمِّهِ وَ
أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ» إذا تعاونوا على الظلم و العدوان في دار
الدنيا «لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ» ثم يجمعون
في موطن يبكون فيه- فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا- لأذهلت جميع الخلائق عن
معايشهم- و صدعت الجبال إلا ما شاء الله، فلا يزالون يبكون حتى يبكون الدم- ثم
يجتمعون في موطن يستنطقون فيه، فيقولون «وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا
مُشْرِكِينَ» و لا يقرون بما عملوا، فيختم على أفواههم و يستنطق الأيدي و
الأرجل و الجلود، فتنطق فتشهد بكل معصية بدت منهم، ثم يرفع الخاتم عن ألسنتهم-
فيقولون لجلودهم و أيديهم و أرجلهم: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا فتقول أَنْطَقَنَا
اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ، ثم يجتمعون في موطن يستنطق فيه جميع
الخلائق فلا يتكلم أحد إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً، و يجتمعون
في موطن يختصمون فيه- و يدان لبعض الخلائق من بعض و هو القول، و ذلك كله قبل
الحساب، فإذا أخذ بالحساب شغل كل امرئ بما لديه، نسأل الله بركة ذلك اليوم[1].
17- عن محمد بن
مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنين ع في خطبته فلما وقفوا
عليها- قالوا: «يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا- وَ
نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» إلى قوله: «وَ إِنَّهُمْ
لَكاذِبُونَ»[2].
18- عن عثمان بن
عيسى عن بعض أصحابه عنه قال إن الله قال للماء: كن عذبا فراتا أخلق منك
جنتي و أهل طاعتي، و قال للماء كن ملحا أجاجا أخلق منك ناري و أهل معصيتي، فأجرى
الماءين على الطين، ثم قبض قبضة بهذه[3]
و هي يمين، فخلقهم خلقا كالذر، ثم أشهدهم على أنفسهم- أ لست بربكم و عليكم طاعتي
قالوا بلى- فقال للنار: كوني نارا، فإذا نار تأجج- و قال لهم: قعوا فيها، فمنهم من
أسرع و منهم من أبطأ في السعي، و منهم من لم يبرح مجلسه، فلما وجدوا حرها رجعوا
فلم يدخلها منهم أحد، ثم قبض قبضة بهذه فخلقهم خلقا مثل الذر مثل أولئك- ثم أشهدهم
على أنفسهم مثل ما أشهد الآخرين، ثم قال لهم: قعوا في هذه النار، فمنهم من