78- عن عمار بن أبي الأحوص عن أبي عبد الله ع أن الله
تبارك و تعالى خلق في مبتدإ الخلق بحرين، أحدهما عَذْبٌ فُراتٌ، و الآخر مِلْحٌ
أُجاجٌ[1] ثم خلق تربة
آدم من البحر العذب الفرات، ثم أجراه على البحر الأجاج، فجعله حمأ مسنونا[2] و هو خلق
آدم، ثم قبض قبضة من كتف آدم الأيمن فذرأها في صلب آدم، فقال: هؤلاء في الجنة و لا
أبالي- ثم قبض قبضة من كتف آدم الأيسر فذرأها في صلب آدم فقال: هؤلاء في النار و
لا أبالي- و لا أسأل عما أفعل و لي في هؤلاء البداء بعد- و في هؤلاء و هؤلاء
سيبتلون[3] قال أبو
عبد الله: فاحتج يومئذ أصحاب الشمال- و هم ذر على خالقهم، فقالوا: يا ربنا لم
أوجبت لنا النار و أنت الحكم العدل من قبل أن تحتج علينا- و تبلونا بالرسل و تعلم
طاعتنا لك و معصيتنا فقال الله تبارك و تعالى: فأنا أخبركم بالحجة- عليكم الآن في
الطاعة و المعصية و الإعذار بعد الإخبار.
قال أبو عبد الله ع:
فأوحى الله إلى مالك خازن النار أن مر النار تشهق[4] ثم تخرج عنقا منها،
فخرجت لهم، ثم قال الله لهم ادخلوها طائعين، فقالوا: لا ندخلها طائعين- ثم قال:
ادخلوها طائعين أو لأعذبنكم بها كارهين، قالوا: إنما هربنا إليك منها- و حاججناك
فيها حيث أوجبتها علينا- و صيرتنا من أصحاب الشمال فكيف ندخلها طائعين و لكن ابدأ
بأصحاب اليمين في دخولها- كي تكون قد عدلت فينا و فيهم.
قال أبو عبد الله ع:
فأمر أصحاب اليمين و هم ذر بين يديه- فقال: ادخلوا هذه النار طائعين، قال: فطفقوا
يتبادرون في دخولها فولجوا فيها جميعا- فصيرها الله عليهم بردا و سلاما، ثم أخرجهم
منها، ثم إن الله تبارك و تعالى نادى- في أصحاب
[1]- الفرات: أعذب العذوبة. و الأجاج: المالح المر
الشديد الملوحة.
[2]- الحمأ جمع حمائة و هو الطين الأسود المتغير و
المسنون: المصور و قيل: