ثم قال (إِنَّ اللّهَ لا يَهدِي مَن هُوَ مُسرِفٌ كَذّابٌ) أي لا يحكم بهداية من کان مسرفاً علي نفسه و متجاوز الحد في معصية اللّه كذاباً علي اللّه. و يحتمل ان يکون المراد ان اللّه لا يهدي الي طريق الثواب و الجنة من هو مسرف كذاب و يجوز ان يکون ذلک حكاية عما قال المؤمن من آل فرعون. و يجوز ان يکون ذلک ابتداء خبر من اللّه تعالي بذلك، ثم قال يعني مؤمن آل فرعون (يا قَومِ لَكُمُ المُلكُ اليَومَ ظاهِرِينَ فِي الأَرضِ فَمَن يَنصُرُنا مِن بَأسِ اللّهِ إِن جاءَنا) أي لكم الملك و السلطان علي اهل الإرض و ذلک لا يمنع من بأس اللّه (قالَ فِرعَونُ ما أُرِيكُم إِلّا ما أَري وَ ما أَهدِيكُم إِلّا سَبِيلَ الرَّشادِ) في ما أدعوكم من الهيتي و تكذيب موسي. ثم حكي ما قال المؤمن فقال (وَ قالَ الَّذِي آمَنَ يا قَومِ إِنِّي أَخافُ عَلَيكُم) عذاباً (مثل) عذاب «يوم الأحزاب» قال قوم: القائل لذلك موسي نفسه، لان مؤمن آل فرعون کان يكتم إيمانه، و هذا ضعيف لأن قوله هذا كقوله (أَ تَقتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللّهُ)[1] و کما اظهر هذا جاز ان يظهر ذلک.
مِثلَ دَأبِ قَومِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِن بَعدِهِم وَ مَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلماً لِلعِبادِ (31) وَ يا قَومِ إِنِّي أَخافُ عَلَيكُم يَومَ التَّنادِ (32) يَومَ تُوَلُّونَ مُدبِرِينَ ما لَكُم مِنَ اللّهِ مِن عاصِمٍ وَ مَن يُضلِلِ اللّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ (33) وَ لَقَد جاءَكُم يُوسُفُ مِن قَبلُ بِالبَيِّناتِ فَما زِلتُم فِي شَكٍّ مِمّا جاءَكُم بِهِ حَتّي إِذا هَلَكَ قُلتُم لَن يَبعَثَ اللّهُ مِن بَعدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللّهُ مَن هُوَ مُسرِفٌ مُرتابٌ (34) الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللّهِ بِغَيرِ سُلطانٍ أَتاهُم كَبُرَ مَقتاً عِندَ اللّهِ وَ عِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطبَعُ اللّهُ عَلي كُلِّ قَلبِ مُتَكَبِّرٍ جَبّارٍ (35)