النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله، فنسخ اللّه تعالي ذلک الحكم بالآية الّتي بعدها.
و قوله (ذلِكَ خَيرٌ لَكُم وَ أَطهَرُ) أي ذلک التصدق بين يدي النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله خير لكم و اطهر و معناه إن فعل ذلک ادعي الي مجانبة المعاصي من تركه. ثم قال قل لهم (فَإِن لَم تَجِدُوا) يعني ما تتصدقون به (فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يستر عليكم ترك ذلک و يرحمكم و ينعم عليكم.
ثم قال ناسخاً لهذا الحكم (أَ أَشفَقتُم أَن تُقَدِّمُوا بَينَ يَدَي نَجواكُم صَدَقاتٍ) و ظاهر هذا الكلام توبيخ علي ترك الصدقة، و انهم تركوا ذلک اشفاقاً و خوفاً علي نقصان المال، فقال (فَإِذ لَم تَفعَلُوا) ذلک (وَ تابَ اللّهُ عَلَيكُم) في تقصيركم في فعل الصدقة (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ الّتي أوجبها الله عليكم) و أديموا فعلها و أدوا شروطها (وَ آتُوا الزَّكاةَ) الّتي افترضها عليكم (وَ أَطِيعُوا اللّهَ وَ رَسُولَهُ) فيما أمركم به و نهاكم عنه (وَ اللّهُ خَبِيرٌ بِما تَعمَلُونَ) أي عالم بما تعملونه من طاعة للّه او معصية و حسن و قبيح، فيجازيكم بحسبه.
ثم قال للنبي صَلي اللّهُ عَليه و آله (أَ لَم تَرَ) يا محمّد (إِلَي الَّذِينَ تَوَلَّوا قَوماً غَضِبَ اللّهُ عَلَيهِم) و المراد به قوم من المنافقين، كانوا يوالون اليهود و يغشون اليهم أسرارهم و يجتمعون معهم علي ذكر مساءة النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله و المؤمنين- و هو قول قتادة و إبن زيد- ثم قال (ما هُم مِنكُم) أي ليسوا مؤمنين (وَ لا مِنهُم) أي و لا هم يهود، فيكونوا منهم بل هم قوم منافقون.
ثم قال (وَ يَحلِفُونَ) يعني هؤلاء المنافقون (عَلَي الكَذِبِ) يعني يقولون إنا معكم و نحن نتوب، و ليسوا كذلك (وَ هُم يَعلَمُونَ) انه كذلك. ثم بين تعالي ما لهم من العقاب فقال (أَعَدَّ اللّهُ لَهُم عَذاباً شَدِيداً إِنَّهُم ساءَ ما كانُوا يَعمَلُونَ) أي لأنهم كانوا يعملون المعاصي و القبائح.