(يعرشون و يعرشون، و يعكفون و يعكفون).
يقول اللّه تعالي مخاطباً للمؤمنين و آمراً لهم بأنه إذا قيل لهم تفسحوا في المجلس بمعني اتسعوا فيها، يقال: تفسح تفسحاً و له في هذا الأمر فسحة أي متسع. و التفسح الاتساع في المكان، و فسح له في المجلس يفسح فسحاً. و مكان فسيح و فسح. و التفسيح و التوسع واحد. قال قتادة: كانوا يتنافسون في مجلس النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله فقيل لهم تفسحوا و قال إبن عباس: أراد به مجلس القتال «فَافسَحُوا» أي وسعوا «يَفسَحِ اللّهُ لَكُم» أي يوسع عليكم منازلكم في الجنة «وَ إِذا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا» أي إذا قيل لكم ارتفعوا في المجلس فارتفعوا، و النشوز الارتفاع عن الشيء بالذهاب عنه. و منه نشوز المرأة عن زوجها، يقال: نشز ينشز نشوزاً و نشزاً. قال قتادة و مجاهد و الضحاك:
معناه إذا قيل قوموا الي صلاة او قتال عدوّ أو أمر بمعروف أي تفرقوا عن رسول اللّه صَلي اللّهُ عَليه و آله فقوموا.
و قوله «يَرفَعِ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَ الَّذِينَ أُوتُوا العِلمَ دَرَجاتٍ» معناه متي ما فعلتم ما أمرتم به رفع اللّه الّذين آمنوا منكم، و رفع الّذين أوتوا العلم درجات، لأنهم أحق بالرفعة. و في ذلک دلالة علي ان فعل العالم اكثر ثواباً من فعل من ليس بعالم «وَ اللّهُ بِما تَعمَلُونَ» من التفسح و النشوز و غير ذلک (خبير) أي عالم.
ثم خاطبهم ايضاً فقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيتُمُ الرَّسُولَ) أي شاورتموه (فَقَدِّمُوا بَينَ يَدَي نَجواكُم صَدَقَةً) قال الزجاج: کان سبب نزول الآية ان الأغنياء كانوا يستخلون النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله فيشاورونه بما يريدون، و الفقراء لا يتمكنون من النبي تمكنهم، ففرض اللّه عليهم الصدقة قبل النجوي ليمتنعوا من ذلک، و تعبدهم بأن لا يناجي احد رسول اللّه إلا بعد ان يتصدق بشيء ما قل او كثر، فلم يفعل احد ذلک علي ما روي،
فاستقرض أمير المؤمنين علي عليه السلام ديناراً و تصدق به، ثم ناجي