إحداث أمر علي خلاف السنة. و قال قتادة: الرهبانية الّتي ابتدعوها رفض النساء و اتخاذ الصوامع. و قال قتادة و إبن زيد: تقديره و رهبانية ما كتبناها عليهم إلا أنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان اللّه «فَما رَعَوها حَقَّ رِعايَتِها» و قال قوم: الرهبانية الّتي ابتدعوها لحاقهم بالبراري و الجبال-
في خبر مرفوع عن النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله فما رعاها الّذين بعدهم حق رعايتها
، و ذلک لتكذيبهم بمحمد صَلي اللّهُ عَليه و آله، و قيل: الرهبانية الانقطاع عن النّاس للانفراد بالعبادة.
و قوله «ما كَتَبناها عَلَيهِم» معناه ما فرضناها عليهم أي تلك الرهبانية البتة. و قال الزجاج: معناه ما كتبناها عليهم البتة ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان اللّه، فيكون بدلا من (ها) الّتي يشتمل عليه المعني- ذكره الزجاج- و قيل: کان عليهم تتميمها کما علي المبتدئ بصوم التطوع أن يتمه. و قال الحسن: فرضها اللّه عليهم بعد ما ابتدعوها، و قوله «فَما رَعَوها حَقَّ رِعايَتِها» معناه فما حفظوها حق حفظها.
ثم قال (فَآتَينَا الَّذِينَ آمَنُوا) معناه فأعطينا من آمن بالله و رسوله من جملة المذكورين (أَجرَهُم) أي ثوابهم علي إيمانهم. ثم قال (وَ كَثِيرٌ مِنهُم فاسِقُونَ) أي خارجون عن طاعة اللّه إلي معصيته و الكفر به.
و قوله «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ» معناه يا أيها الّذين اعترفوا بتوحيد اللّه و صدقوا بموسي و عيسي و اعترفوا بنبوتهما اتقوا اللّه و آمنوا برسوله محمّد صَلي اللّهُ عَليه و آله- ذكره إبن عباس- «يُؤتِكُم كِفلَينِ مِن رَحمَتِهِ» قال إبن عباس:
معناه يعطكم أجرين أجراً لايمانكم بمحمد صَلي اللّهُ عَليه و آله و أجراً لايمانكم بمن تقدم من الرسل.
و أصل الكفل الحظ- في قول الفراء- و منه الكفل ألذي يكتفل به الراكب، و هو