نضخ ينضخ نضخاً فهو ناضخ. و في نضاخة مبالغة، و وجه الحكمة في العين النضاخة أن النفس إذا رأت الماء يفور کان أمتع، و ذلک علي ما جرت به العادة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
و قوله (فِيهِما فاكِهَةٌ وَ نَخلٌ وَ رُمّانٌ) أخبار منه تعالي أن في الجنتين المتقدم وصفهما (فاكهة) و هي الثمار (وَ نَخلٌ وَ رُمّانٌ) و إنما أفرد ذكر النخل و الرمان من الفاكهة، و إن کان من جملتها تنبيهاً علي فضلهما و جلالة النعمة بهما، کما أفرد ذكر جبرائيل و ميكائيل في قوله (مَن كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبرِيلَ وَ مِيكالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِلكافِرِينَ)[1] و قال قوم: ليسا من الفاكهة بدلا الآية. و ليس له في ذلک حجة، لاحتمال ما قلناه. قال يونس النحوي: النخل و الرمان من أفضل الفاكهة، و إنما فضلا لفضلهما، و النخل شجر الرطب و التمر. و الرمان مشتق من رم يرم رماً، لان من شأنه أن يرم الفؤاد بجلائه له (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) قد مضي بيانه.
و قوله (فِيهِنَّ خَيراتٌ حِسانٌ) قال ابو عبيدة: امرأة خيرة و رجل خير، و الجمع خيرات. و الرجال أخيار قال الشاعر:
و لقد طعنت مجامع الربلات ربلات هند خيرة الملكات[2]
و قال الزجاج: أصل (خيرات) خيرّات، و خفف. و في الخبر المرفوع إن المعني (خيرات الأخلاق حسان الوجوه) و إنما قيل للمرأة في الجنة: خيرة، لأنها مما ينبغي أن تختار لفضلها في أخلاقها و أفعالها، و هي مع ذلک حسنة الصورة، فقد جمعت الأحوال الّتي تجل بها النعمة (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) قد بينا معناه.
و قوله (حُورٌ مَقصُوراتٌ فِي الخِيامِ) فالحور البيض الحسان البياض، و منه