و ‌قيل‌: المعني‌ ‌أن‌ أمرهما يجري‌ ‌في‌ الأدوار ‌علي‌ مقدار ‌من‌ الحساب‌ ‌علي‌ ‌ما وضعه‌ حكيم‌ عليم‌ بتدبير صحيح‌، ‌قد‌ ‌کان‌ يمكن‌ وضعهما ‌علي‌ خلافه‌ ‌غير‌ انه‌ اختار ‌ذلک‌ لاستغناء العباد بها ‌في‌ وجوه‌ المنافع‌ و ‌ما ‌في‌ ‌ذلک‌ ‌من‌ المصالح‌. و ‌قال‌ ‌إبن‌ عباس‌ و قتادة و ‌إبن‌ زيد: بحسبان‌، و منازل‌ يجريان‌ ‌فيها‌ و ‌لا‌ يعدوانها. و ‌قيل‌: ‌إن‌ القمر يقطع‌ بروج‌ السماء ‌في‌ ثمانية و عشرين‌ يوماً، و الشمس‌ تقطع‌ ‌ذلک‌ ‌في‌ ثلاثمائة و خمسمائة و ستين‌ يوماً و شي‌ء. و ‌قوله‌ (بحسبان‌) خبر الشمس‌ و القمر ‌علي‌ قول‌ ‌من‌ رفعهما بالابتداء (و حسبان‌) مصدر حسبته‌ أحسبه‌ حسباناً نحو السكران‌ و الكفران‌. و ‌قيل‌: ‌هو‌ جمع‌ حساب‌ كشهاب‌ و شهبان‌.

و ‌قوله‌ (وَ النَّجم‌ُ وَ الشَّجَرُ يَسجُدان‌ِ) فالنجم‌ ‌من‌ النبات‌ ‌ما طلع‌، يقال‌:

نجم‌ ينجم‌ ‌إذا‌ طلع‌، و نجم‌ القرن‌ و النبات‌ ‌إذا‌ طلعا، و ‌به‌ سمي‌ نجم‌ السماء، و ‌هو‌ الكوكب‌ لطلوعه‌. و النجم‌-‌ هاهنا‌-‌ النبت‌ الطالع‌ ‌من‌ ‌الإرض‌، و ‌هو‌ النبات‌ ‌ألذي‌ ليس‌ ‌له‌ ساق‌-‌ ‌في‌ قول‌ ‌إبن‌ عباس‌ و سعيد و سفيان‌-‌ و ‌قال‌ مجاهد: ‌هو‌ نجم‌ السماء، و ‌به‌ ‌قال‌ قتادة، و الأول‌ أقوي‌ لمصاحبة الشجر. و الشجر عند أهل‌ اللغة النبات‌ ‌ألذي‌ ‌له‌ ساق‌ و ورق‌ و أغصان‌ يبقي‌ ساقه‌ ‌علي‌ دور الحول‌ ‌من‌ الرمان‌ و أكثره‌ مما ‌له‌ ثمار تجني‌ ‌علي‌ ‌ما دبرها صانعها ‌من‌ الإتيان‌ بها ‌في‌ أبانها.

و ‌قوله‌ (يسجدان‌) إخبار ‌من‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ بأنهما يسجدان‌، و سجودهما ‌هو‌ ‌ما فيهما ‌من‌ ‌الآية‌ الدالة ‌علي‌ حدوثهما و ‌علي‌ وجوب‌ الخضوع‌ للّه‌ ‌تعالي‌ و التذلل‌ ‌له‌ ‌لما‌ خلق‌ ‌فيها‌ ‌من‌ الأقوات‌ المختلفة ‌في‌ النبات‌ للناس‌ و غيرهم‌ ‌من‌ الحيوان‌ و الاستمتاع‌ بأصناف‌ الثمار و الفواكه‌ و الرياض‌ اللذيذة، ‌فلا‌ شي‌ء أدعي‌ ‌إلي‌ الخضوع‌ و العبادة لمن‌ أنعم‌ بهذه‌ النعمة الجليلة مما ‌فيه‌ مثل‌ ‌ألذي‌ ذكرنا ‌في‌ النجم‌ و الشجر، و ‌قال‌ مجاهد و سعيد ‌بن‌ جبير: سجودهما ظلالهما ‌ألذي‌ يلقيانه‌ بكرة و عشياً، فكل‌ جسم‌ ‌له‌ ظل‌