ثم حكي ما قالوه في صالح، فإنهم قالوا (بَل هُوَ كَذّابٌ) في دعواه أنه نبي أوحي اللّه اليه (أشر) أي بطر، فالأشر البطر ألذي لا يبالي ما قال. و قيل: هو المرح الطالب للفخر و عظم الشأن، يقال: أشر يأشر أشراً كقولك: بطر يبطر بطراً و أشر و اشر مثل حذر و حذر، و عجل و عجل و فطن و فطن و نحس و نحس. فقال:
اللّه تعالي علي وجه التهديد لهم (سَيَعلَمُونَ غَداً مَنِ الكَذّابُ الأَشِرُ) و قرأ ابو قلابة (الكذاب الأشرّ) و هذا ضعيف، لأنهم يقولون: هذا خير من ذا و شر من ذا، و لا يقال: أشرّ، و لا أخير إلا في لغة ردية. و من قرأ (ستعلمون) بالتاء علي وجه الخطاب اليهم أي قل لهم، و هي قراءة إبن عامر و حمزة و حفص عن عاصم. و من قرأ بالياء فعلي وجه الاخبار عن الغائب و هي قراءة الباقين، لأن الكذاب الأشر يوم القيامة يعاقبه اللّه بعذاب النار، فيعلم حينئذ أي الفريقين هم.
و قرب اللّه تعالي القيامة كقرب غد من اليوم. و الفرق بين قوله (ستعلمون غداً من الكذاب) و بين قوله لو قال (ستعلمون غداً الكذاب الأشر) أن الأول يفيد فريقين التبس الكذب بكل واحد منهما فيأتي العلم مزيلا لذلك الالتباس و ليس كذلك الثاني.