قال الشاعر:
ابلغ بني ثعل عني مغلغلة جهد الرسالة لا ألتاً و لا كذبا[1]
و قوله (كُلُّ امرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ) أي کل إنسان يعامل بما يستحقه و يجازي بحسب ما عمله إن عمل طاعة أثيب عليها و إن عمل معصية عوقب بها لا يؤاخذ احد بذنب غيره. و الرهين و المرهون و المرتهن هو المحتبس علي أمر يؤدي عنه بحسب ما يجب فيه، فلما کان کل مكلف محتبساً علي عمله، فان صح له أداؤه علي الواجب فيه تخلص، و إلا هلك، فلهذا قال (كُلُّ امرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ).
قوله (وَ أَمدَدناهُم بِفاكِهَةٍ) فالامداد هو الإتيان بالشيء بعد الشيء يقال:
مد الجرح و أمد النهر، و الفاكهة هي الثمار (وَ لَحمٍ مِمّا يَشتَهُونَ) أي و أمددناهم ايضاً بلحم من الجنس ألذي يشتهونه.
و قوله (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأساً) أي يتعاطون كأس الخمر، قال الأخطل:
نازعتهم طيب الراح الشمول و قد صاح الدجاج و حانت وقعة الساري[2]
و الكأس الأناء المملوء بالشراب، فان کان فارغاً فلا يسمي كأساً- ذكره الفراء- و قوله (لا لَغوٌ فِيها وَ لا تَأثِيمٌ) معناه لا يجري بينهم باطل و لا ما يلغي فيه و لا ما فيه أثم کما يجري في الدنيا عند شرب الخمر. و قوله (وَ يَطُوفُ عَلَيهِم غِلمانٌ لَهُم كَأَنَّهُم لُؤلُؤٌ مَكنُونٌ) يعني في صفائه و بياضه و حسن منظره، و المكنون المصون.
و قيل: ليس علي الغلمان مشقة في خدمة أهل الجنة، بل لهم في ذلک لذة، لأنه ليس هناك دار محنة. و قوله (وَ أَقبَلَ بَعضُهُم عَلي بَعضٍ يَتَساءَلُونَ) أي يسأل بعضهم بعضاً عن حاله، و ما هو فيه من انواع النعيم فيسرون بذلك و يزداد فرحهم