الريح العقيم الّتي لا تلقح الشجر و لا تنشئ السحاب. و
روي عن النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله أنه قال (نصرت بالصبا و أهلكت عاد بالدبور).
و قوله «ما تَذَرُ مِن شَيءٍ أَتَت عَلَيهِ» أي لم تترك هذه الريح شيئاً تمر عليه «إِلّا جَعَلَتهُ كَالرَّمِيمِ» و هو السحيق ألذي انتفي رمه بانتفاء ملاءمة بعضه لبعض، و أما رمه يرمه رماً فهو رام له و الشيء مرموم فهو المصلح بملاءمة بعضه لبعض، و هو اصل الرميم ألذي رمه بنقصه. و قيل: الرميم ألذي ديس من يابس النبات.
و قيل: الرميم العظم البالي المنسحق.
و قوله «وَ فِي ثَمُودَ إِذ قِيلَ لَهُم» أيضا عطف علي قوله «وَ تَرَكنا فِيها آيَةً ...
وَ فِي ثَمُودَ» و هم قوم صالح لما كفروا و جحدوا نبوة صالح و عقروا ناقة اللّه و استحقوا الإهلاك «قِيلَ لَهُم تَمَتَّعُوا حَتّي حِينٍ» أي انتفعوا في اسباب اللذات من المناظر الحسنة و الروائح الطيبة و الأصوات السجية و کل ما فيه منفعة علي هذه الصفة «حَتّي حِينٍ» أي إلي حين قدر اللّه ابقاءكم اليه. و قيل: إلي حين آجالكم إن أطعتم اللّه- في قول الحسن- «فَعَتَوا عَن أَمرِ رَبِّهِم» فالعتو الامتناع عن الحق، و هو الجفاء عنه ترفعاً عن إتباع الداعي اليه «فَأَخَذَتهُمُ الصّاعِقَةُ وَ هُم يَنظُرُونَ» أي أرسل اللّه اليهم الصاعقة الّتي أهلكتهم و أحرقتهم و هم يبصرونها «فَمَا استَطاعُوا مِن قِيامٍ» أي لم يقدروا علي النهوض به «وَ ما كانُوا مُنتَصِرِينَ» أي طالبين ناصراً يمنعهم من عذاب اللّه- عز و جل- و قرأ الكسائي «الصعقة» بغير الف. و قد بيناه.
وَ قَومَ نُوحٍ مِن قَبلُ إِنَّهُم كانُوا قَوماً فاسِقِينَ (46) وَ السَّماءَ بَنَيناها بِأَيدٍ وَ إِنّا لَمُوسِعُونَ (47) وَ الأَرضَ فَرَشناها فَنِعمَ الماهِدُونَ (48) وَ مِن كُلِّ شَيءٍ خَلَقنا زَوجَينِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرُونَ (49) فَفِرُّوا إِلَي اللّهِ إِنِّي لَكُم مِنهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50)
وَ لا تَجعَلُوا مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُم مِنهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (51) كَذلِكَ ما أَتَي الَّذِينَ مِن قَبلِهِم مِن رَسُولٍ إِلاّ قالُوا ساحِرٌ أَو مَجنُونٌ (52) أَ تَواصَوا بِهِ بَل هُم قَومٌ طاغُونَ (53) فَتَوَلَّ عَنهُم فَما أَنتَ بِمَلُومٍ (54) وَ ذَكِّر فَإِنَّ الذِّكري تَنفَعُ المُؤمِنِينَ (55)