كَفَرُوا مِنهُم‌ عَذاباً أَلِيماً إِذ جَعَل‌َ الَّذِين‌َ كَفَرُوا فِي‌ قُلُوبِهِم‌ُ الحَمِيَّةَ» يعني‌ الأنفة. ‌ثم‌ فسر تلك‌ الأنفة، ‌فقال‌ «حَمِيَّةَ الجاهِلِيَّةِ» الاولي‌ يعني‌ عصبتهم‌ لآلهتهم‌ ‌من‌ ‌أن‌ يعبدوا غيرها. و ‌قال‌ الزهري‌: ‌هي‌ انفتهم‌ ‌من‌ الإقرار لمحمد بالرسالة. و الاستفتاح‌ ب (بِسم‌ِ اللّه‌ِ الرَّحمن‌ِ الرَّحِيم‌ِ) ‌علي‌ عادته‌ ‌في‌ الفاتحة، حيث‌ أراد ‌ان‌ يكتب‌ كتاب‌ العهد بينهم‌. و دخولهم‌ مكة لأداء العمرة.

‌ثم‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ «فَأَنزَل‌َ اللّه‌ُ سَكِينَتَه‌ُ عَلي‌ رَسُولِه‌ِ» ‌ أي ‌ فعل‌ ‌به‌ صَلي‌ اللّه‌ُ عَليه‌ و آله‌ ‌من‌ اللطف‌ و النعمة ‌ما سكنت‌ اليه‌ نفسه‌ و صبر ‌علي‌ الدخول‌ تحت‌ ‌ما أرادوه‌ ‌منه‌ «وَ عَلَي‌ المُؤمِنِين‌َ» ‌ أي ‌ و مثل‌ ‌ذلک‌ فعل‌ بالمؤمنين‌ «وَ أَلزَمَهُم‌ كَلِمَةَ التَّقوي‌» ‌قال‌ ‌إبن‌ عباس‌ و قتادة: كلمة التقوي‌ قول‌: ‌لا‌ إله‌ ‌إلا‌ اللّه‌ ‌محمّد‌ ‌رسول‌ اللّه‌. و ‌قال‌ مجاهد: ‌هي‌ كلمة الإخلاص‌ «وَ كانُوا أَحَق‌َّ بِها وَ أَهلَها» يعني‌ المؤمنين‌ كانوا أهلها و أحق‌ بها. ‌قال‌ الفراء: و رأيتها ‌في‌ مصحف‌ الحارث‌ ‌بن‌ سويد التميمي‌ ‌من‌ أصحاب‌ ‌عبد‌ اللّه‌ (و كانوا أهلها و أحق‌ بها) و ‌هو‌ تقديم‌ و تأخير، و ‌کان‌ مصحفه‌ دفن‌ أيام‌ الحجاج‌. و ‌قيل‌:

‌ان‌ التقدير كانوا أحق‌ بنزول‌ السكينة ‌عليهم‌ و أهلًا لها. و ‌قيل‌: المعني‌ فكانوا أحق‌ بمكة ‌أن‌ يدخلوها و أهلها. و إنما ‌قال‌ «أحق‌» لأنه‌ ‌قد‌ ‌يکون‌ حق‌ أحق‌ ‌من‌ حق‌ غيره‌، لأن‌ الحق‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ طاعة يستحق‌ ‌به‌ المدح‌ أحق‌ ‌من‌ الحق‌ ‌ألذي‌ ‌هو‌ مباح‌ ‌لا‌ يستحق‌ ‌به‌ ‌ذلک‌ «وَ كان‌َ اللّه‌ُ بِكُل‌ِّ شَي‌ءٍ عَلِيماً» ‌لما‌ ذم‌ الكفار ‌تعالي‌ بحمية الجاهلية و مدح‌ المؤمنين‌ بالسكينة و الزوم‌ الكلمة الصادقة ‌بين‌ علمه‌ ببواطن‌ أمورهم‌ و ‌ما تنطوي‌ ‌عليه‌ ضمائرهم‌ إذ ‌هو‌ العالم‌ بكل‌ شي‌ء ‌من‌ المعلومات‌.

و ‌قوله‌ «لَقَد صَدَق‌َ اللّه‌ُ رَسُولَه‌ُ الرُّؤيا بِالحَق‌ِّ لَتَدخُلُن‌َّ المَسجِدَ الحَرام‌َ» قسم‌ ‌من‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌ان‌ النبي‌ صَلي‌ اللّه‌ُ عَليه‌ و آله‌ صادق‌ ‌في‌ ‌قوله‌ انه‌ رأي‌ ‌في‌ المنام‌ انه‌ يدخل‌ ‌هو‌ و المؤمنون‌ المسجد الحرام‌، و انه‌ ‌لا‌ بد ‌من‌ كون‌ ‌ذلک‌. و ‌قوله‌ «إِن‌ شاءَ اللّه‌ُ آمِنِين‌َ» ‌قال‌ قوم‌